كتاب الإحكام في أصول الأحكام - الآمدي (اسم الجزء: 2)

[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ اللَّفْظُ الْعَامُّ إِذَا قَصَدَ بِهِ الْمُخَاطِبُ الذَّمَّ أَوِ الْمَدْحَ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ (١)
اللَّفْظُ الْعَامُّ إِذَا قَصَدَ بِهِ الْمُخَاطِبُ الذَّمَّ أَوِ الْمَدْحَ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ - وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} ، وَكَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} .
نُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ مَنَعَ مِنْ عُمُومِهِ حَتَّى أَنَّهُ مَنَعَ مِنَ التَّمَسُّكِ بِهِ فِي وُجُوبِ زَكَاةِ الْحُلِيِّ، مُصَيِّرًا مِنْهُ إِلَى أَنَّ الْعُمُومَ لَمْ يَقَعْ مَقْصُودًا فِي الْكَلَامِ، وَإِنَّمَا سِيقَ لِقَصْدِ الذَّمِّ وَالْمَدْحِ مُبَالَغَةً فِي الْحَثِّ عَلَى الْفِعْلِ أَوِ الزَّجْرِ عَنْهُ.
وَخَالَفَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ حَيْثُ إِنَّ قَصْدَ الذَّمِّ أَوِ الْمَدْحِ، وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا لِلْمُتَكَلِّمِ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ قَصْدِ الْعُمُومِ مَعَهُ إِذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَقَدْ أَتَى بِالصِّيغَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْعُمُومِ فَكَانَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَقْصُودَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْعَمَلِ بِأَحَدِهِمَا وَتَعْطِيلِ الْآخَرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
---------------
(١) انْظُرْ مَا سَبَقَ تَعْلِيقًا.

الصفحة 280