كتاب الإحكام في أصول الأحكام - الآمدي (اسم الجزء: 2)

[النَّوْعُ الرَّابِعُ التَّخْصِيصُ بِالْغَايَةِ]
وَصِيَغُهَا إِلَى وَحَتَّى وَلَا بُدَّ، وَأَنْ يَكُونَ حُكْمُ مَا بَعْدَهَا مُخَالِفًا لِمَا قَبْلَهَا، وَإِلَّا كَانَتِ الْغَايَةُ وَسَطًا وَخَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا غَايَةً، وَلَزِمَ مِنْ ذَلِكَ إِلْغَاءُ دَلَالَةِ إِلَى وَحَتَّى، وَهِيَ لَا تَخْلُو أَيْضًا إِمَّا أَنْ تَكُونَ مَذْكُورَةً عَقِبَ جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ جُمَلٍ مُتَعَدِّدَةٍ.
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الْغَايَةُ وَاحِدَةً أَوْ مُتَعَدِّدَةً.
فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً كَقَوْلِهِ: أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ أَبَدًا إِلَى أَنْ يَدْخُلُوا الدَّارَ، فَإِنَّ دُخُولَ الدَّارِ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْإِكْرَامِ بِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِخْرَاجَ مَا بَعْدَ الدُّخُولِ عَنْ عُمُومِ اللَّفْظِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَعَمَّ الْإِكْرَامُ حَالَةَ مَا بَعْدَ الدُّخُولِ.
وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ تَكُونَ عَلَى الْجَمْعِ أَوْ عَلَى الْبَدَلِ، فَالْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ: أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ أَبَدًا إِلَى أَنْ يَدْخُلُوا الدَّارَ، وَيَأْكُلُوا الطَّعَامَ، فَمُقْتَضَى ذَلِكَ اسْتِمْرَارُ الْإِكْرَامِ إِلَى تَمَامِ الْغَايَتَيْنِ دُونَ مَا بَعْدَهُمَا.
وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ: أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ إِلَى أَنْ يَدْخُلُوا الدَّارَ أَوِ السُّوقَ، فَمُقْتَضَى ذَلِكَ اسْتِمْرَارُ الْإِكْرَامِ إِلَى انْتِهَاءِ إِحْدَى الْغَايَتَيْنِ، أَيُّهُمَا كَانَتْ، دُونَ مَا بَعْدَهَا.
وَأَمَّا إِنْ كَانَتِ الْغَايَةُ مَذْكُورَةً عَقِبَ جُمَلٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فَالْكَلَامُ فِي اخْتِصَاصِهَا بِمَا يَلِيهَا وَفِي عَوْدِهَا إِلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ، كَالْكَلَامِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْغَايَةُ وَاحِدَةً أَوْ مُتَعَدِّدَةً عَلَى الْجَمْعِ أَوِ الْبَدَلِ، وَلَا تَخْفَى أَمْثِلَتُهَا، وَوَجْهُ الْكَلَامِ فِيهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْغَايَةُ مَعْلُومَةَ الْوُقُوعِ فِي وَقْتِهَا كَقَوْلِهِ: إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، أَوْ غَيْرَ مَعْلُومَةِ الْوَقْتِ كَقَوْلِهِ: إِلَى دُخُولِ الدَّارِ.

الصفحة 313