كتاب الإحكام في أصول الأحكام - الآمدي (اسم الجزء: 2)

الثَّالِثُ: هُوَ أَنَّ الْخَاصَّ الْمُتَقَدِّمَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ كَوْنِهِ مَنْسُوخًا وَمُخَصِّصًا لِمَا بَعْدَهُ، وَذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِهِ مُخَصِّصًا؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ لَا يَكُونُ مُلْتَبِسًا.
الرَّابِعُ: قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: كُنَّا نَأْخُذُ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ، وَالْعَامُّ الْمُتَأَخِّرُ أَحْدَثُ فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ.
قُلْنَا: أَمَّا الْجَوَابُ عَنِ التَّعَارُضِ عِنْدَ الْجَهْلِ بِالتَّارِيخِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ عَلَى التَّرْجِيحِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حُجَجِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ: أَمَّا عَنِ الْأَوَّلِ فَيَمْتَنِعُ كَوْنُ الْعَامِّ فِي تَنَاوُلِهِ لِمَا تَحْتَهُ مِنَ الْأَشْخَاصِ جَارٍ مَجْرَى الْأَلْفَاظِ الْخَاصَّةِ، إِذِ الْأَلْفَاظُ الْخَاصَّةُ بِكُلِّ وَاحِدٍ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّخْصِيصِ بِخِلَافِ اللَّفْظِ الْعَامِّ.
وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إِمْكَانِ نَسْخِهِ لِلْخَاصِّ الْوُقُوعُ، وَلَوْ لَزِمَ مِنَ الْإِمْكَانِ الْوُقُوعُ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْخَاصُّ مُخَصِّصًا لِلْعَامِّ لِإِمْكَانِ كَوْنِهِ مُخَصِّصًا لَهُ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْخَاصُّ مَنْسُوخًا وَمُخَصِّصًا لِنَاسِخِهِ، وَهُوَ مُحَالٌ.
وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّهُمْ إِنْ أَرَادُوا بِتَرَدُّدِ الْخَاصِّ بَيْنَ كَوْنِهِ مَنْسُوخًا وَمُخَصِّصًا أَنَّ احْتِمَالَ التَّخْصِيصِ مُسَاوٍ لِاحْتِمَالِ النَّسْخِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَإِنْ أَرَادُوا بِذَلِكَ تَطَرُّقَ الِاحْتِمَالَيْنِ إِلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِهِ مُخَصِّصًا.
وَلَوْ مَنَعَ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِهِ مُخَصِّصًا لَمَنَعَ تَطَرُّقَ احْتِمَالِ كَوْنِ الْعَامِّ مُخَصَّصًا بِالْخَاصِّ إِلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ نَاسِخًا.
وَعَنِ الرَّابِعِ: أَنَّهُ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْأَحْدَثُ هُوَ الْخَاصُّ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ.

الصفحة 320