كتاب روضة الناظر وجنة المناظر (اسم الجزء: 2)

من "إن" و"ما" و"إن" للتوكيد، و"ما" زائدة كافة1، فلا تدل على نفي، كما لو قال: "إنما النبي محمد".
وهذا فاسد2، فإن لفظة "إنما" موضوعة للحصر والإثبات: تثبت المذكور، وتنفي ما عداه؛ لأنها مركبة من حرفي نفي وإثبات: "إن" للإثبات و"ما" للنفي فتدل عليهما.
ولذلك لا تستعمل في موضع لا يحسن فيه النفي والاستثناء منه، كقوله، تعالى: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} 3 و {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} 4 و {إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ} 5، كما قال: {وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ} 6، وقول النبي، صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنما الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ" 7، مثل قوله: "لا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ" 8
وقال الشاعر9:
أنا الرجل الحامي الذمار وإنما ... يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي
__________
1 أي: تكف "إن" وأخواتها عن العمل فيما بعدها، وتهيئها للدخول على الجملة الفعلية، وهذه الحروف كانت قبل دخول "ما" عليها مختصة بالدخول على الأسماء عاملة فيها: وإذا ثبت أنها كافة لم تكن نافية، لئلا يؤدي ذلك إلى التناقض. انظر: شرح الطوفي "2/ 724-743".
2 هذا رد ابن قدامة على دليل الحنفية ومن معهم.
3 سورة النساء من الآية "171".
4 سورة فاطر من الآية "28".
5 سورة "ص" من الآية "65".
6 سورة الأحقاف من الآية "9".
7 سبق تخريجه والروايات الواردة فيه قريبًا
8 تقدم تخريجه.
9 هو: همام بن غالب بن صعصعة التيمي، المعروف بالفرزدق، من شعراء الطبقة الأولى الإسلاميين، توفي بالبصرة سنة "110هـ". انظر: معجم الشعراء =

الصفحة 128