كتاب شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 2)

2983 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ , قَالَ: أنا شَرِيكٌ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: " دَخَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ الصَّدَقَةِ , فَتَنَاوَلَ الْحَسَنُ تَمْرَةً , فَأَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ وَقَالَ: «§إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا يَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ أَوْ لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ» .

2984 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ , قَالَ: أنا شَرِيكٌ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ , غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا يَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» وَلَمْ يَشُكَّ "
2985 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ: ثنا نُعَيْمٌ , قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ , قَالَ: أنا مَعْمَرٌ , عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي فِي بَيْتِي , فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا , §ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْقِيهَا»
2986 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْخُرَاسَانِيُّ , قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ , قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: جَاءَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِمَائِدَةٍ عَلَيْهَا رُطَبٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا هَذَا يَا سَلْمَانُ؟ قَالَ: صَدَقَةٌ عَلَيْكَ وَعَلَى أَصْحَابِكَ. قَالَ: «§ارْفَعْهَا فَإِنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ» . فَرَفَعَهَا , فَجَاءَهُ مِنَ الْغَدِ بِمِثْلِهِ , فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا سَلْمَانُ؟» قَالَ هَدِيَّةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: انْبَسِطُوا ". قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا قَدْ جَاءَتْ بِتَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ , وَلَا نَعْلَمُ شَيْئًا نَسَخَهَا وَلَا عَارَضَهَا إِلَّا مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ , مِمَّا لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مُخَالَفَتِهَا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: تِلْكَ الصَّدَقَةُ , إِنَّمَا هِيَ الزَّكَاةُ خَاصَّةً , فَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الصَّدَقَاتِ فَلَا بَأْسَ بِهِ. قِيلَ لَهُ: فِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا قَدْ دَفَعَ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ مَا فِي حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أُتِيَ بِالشَّيْءِ سَأَلَ أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ؟ فَإِنْ قَالُوا صَدَقَةٌ , قَالَ لِأَصْحَابِهِ كُلُوا» وَاسْتَغْنَى بِقَوْلِ الْمَسْئُولِ إِنَّهُ صَدَقَةٌ عَنْ أَنْ يَسْأَلَهُ صَدَقَةٌ مِنْ زَكَاةٍ , أَمْ غَيْرِ ذَلِكَ؟ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ سَائِرِ الصَّدَقَاتِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. -[11]- وَفِي حَدِيثِ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: فَجِئْتُ فَقَالَ: «أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ» , فَقُلْتُ: بَلْ صَدَقَةٌ , لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ قَوْمٌ فُقَرَاءُ " فَامْتَنَعَ مِنْ أَكْلِهَا لِذَلِكَ , وَإِنَّمَا كَانَ سَلْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ عَبْدًا , مِمَّنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةٌ. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كُلَّ الصَّدَقَاتِ مِنَ التَّطَوُّعِ وَغَيْرِهِ قَدْ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَعَلَى سَائِرِ بَنِي هَاشِمٍ. وَالنَّظَرُ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِ الْفَرَائِضِ وَالتَّطَوُّعِ فِي ذَلِكَ , وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا غَيْرَ بَنِي هَاشِمٍ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ، فِي الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ وَالتَّطَوُّعِ، سَوَاءٌ مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ أَخْذُ صَدَقَةٍ مَفْرُوضَةٍ , حَرُمَ عَلَيْهِ أَخْذُ صَدَقَةٍ غَيْرِ مَفْرُوضَةٍ. فَلَمَّا حَرُمَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ أَخْذُ الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ , حَرُمَ عَلَيْهِمْ أَخْذُ الصَّدَقَاتِ غَيْرِ الْمَفْرُوضَاتِ. فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى. وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ فِي ذَلِكَ , فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِالصَّدَقَاتِ كُلِّهَا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ. وَذَهَبَ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا إِلَى أَنَّ الصَّدَقَاتِ إِنَّمَا كَانَتْ حَرُمَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَا جُعِلَ لَهُمْ فِي الْخُمُسِ مِنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى. فَلَمَّا انْقَطَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَرَجَعَ إِلَى غَيْرِهِمْ , بِمَوْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَلَّ لَهُمْ بِذَلِكَ مَا قَدْ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَا قَدْ كَانَ أُحِلَّ لَهُمْ.

2987 - وَقَدْ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ , عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمُ اللهُ فِي ذَلِكَ , مِثْلَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ , فَبِهَذَا نَأْخُذُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَفَتَكْرَهُهَا عَلَى مَوَالِيهِمْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ , لِحَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ , وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِ الْإِمْلَاءِ , وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَفَتَكْرَهُ لِلْهَاشِمِيِّ أَنْ يَعْمَلَ عَلَى الصَّدَقَةِ؟ قُلْتُ: لَا. فَإِنْ قَالَ: وَلِمَ , وَفِي حَدِيثِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَالْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْتُ مَنْعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمَا مِنْ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: مَا فِيهِ مَنْعٌ مِنْ ذَلِكَ , لِأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُمْ عَلَى الصَّدَقَةِ , لِيَسُدُّوا بِذَلِكَ فَقْرَهُمْ , فَسَدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقْرَهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَدْ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِمَنْعِهِمْ أَنْ يُؤَكِّلَهُمْ عَلَى الْعَمَلِ عَلَى أَوْسَاخِ النَّاسِ , لَا لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ , لِاجْتِعَالِهِمْ مِنْهُ عِمَالَتَهُمْ عَلَيْهِ. وَقَدْ وَجَدْنَا مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا

الصفحة 10