كتاب شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 2)

4085 - فَإِذَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ , عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ , عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَرِفٍ , وَأَنَا أَبْكِي فَقَالَ: «مَا ذَاكَ؟» قُلْتُ: حِضْتُ قَالَ: «فَلَا تَبْكِي , اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ» . فَقَدِمْنَا مَكَّةَ , ثُمَّ أَتَيْنَا مِنًى ثُمَّ غَدَوْنَا إِلَى عَرَفَةَ , ثُمَّ رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ تِلْكَ الْأَيَّامَ , فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ ارْتَحَلَ فَنَزَلَ الْحَصْبَةَ. قَالَتْ: وَاللهِ مَا نَزَلَهَا إِلَّا مَنْ أَجْلَى , فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ , فَقَالَ: «احْمِلْ أُخْتَكَ فَأَخْرِجْهَا مِنَ الْحَرَمِ. قَالَتْ , وَاللهِ مَا ذَكَرَ الْجِعْرَانَةَ , وَلَا التَّنْعِيمَ §فَلْتُهْلِلْ بِعُمْرَةٍ فَكَانَ أَدْنَانَا مِنَ الْحَرَمِ , التَّنْعِيمَ , فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ , فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ , وَسَعَيْنَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ , ثُمَّ أَتَيْنَاهُ , فَارْتَحَلَ فَأَخْبَرْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْصِدْ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُعَمِّرَهَا إِلَّا إِلَى الْحِلِّ , لَا إِلَى مَوْضِعٍ مِنْهُ بِعَيْنِهِ خَاصًّا» , وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ التَّنْعِيمَ , لِأَنَّهُ كَانَ أَقْرَبَ الْحِلِّ إِلَيْهِمْ , لَا لِمَعْنًى فِيهِ يَبِينُ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْحِلِّ غَيْرُهُ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ وَقْتَ أَهْلِ مَكَّةَ لِعُمْرَتِهِمْ , هُوَ الْحِلُّ , وَأَنَّ التَّنْعِيمَ فِي ذَلِكَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ , وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى
§بَابُ الْهَدْيِ يُصَدُّ عَنِ الْحَرَمِ هَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُذْبَحَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ أَمْ لَا؟
4086 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ , عَنْ أَبِيهِ عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ , عَنْ أُمِّ كُرْزٍ قَالَتْ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ أَسْأَلُهُ عَنْ §لُحُومِ الْهَدْيِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْهَدْيَ إِذَا صُدَّ عَنِ الْحَرَمِ , نُحِرَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ , وَقَالُوا: لَمَّا «نَحَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَةِ إِذْ صُدَّ عَنِ الْحَرَمِ» , دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لِمَنْ مُنِعَ مِنْ إِدْخَالِ هَدْيِهِ الْحَرَمَ أَنْ يَذْبَحَهُ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ نَحْرُ الْهَدْيِ إِلَّا فِي الْحَرَمِ. وَكَانَ مِنْ حُجَّتِهِمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ "} [المائدة: 95] فَكَانَ الْهَدْيُ قَدْ جَعَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا بَلَغَ الْكَعْبَةَ فَهُوَ كَالصِّيَامِ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مُتَتَابِعًا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ , وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ , فَلَا يَجُوزُ غَيْرَ مُتَتَابِعٍ , وَإِنْ كَانَ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ غَيْرُ مُنْطَبِقِ الْإِتْيَانِ بِهِ مُتَتَابِعًا , فَلَا تُبِيحُهُ الضَّرُورَةُ أَنْ يَصُومَهُ مُتَفَرِّقًا. -[242]- فَكَذَلِكَ الْهَدْيُ الْمَوْصُوفُ بِبُلُوغِ الْكَعْبَةِ , لَا يُجْزِئُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ , وَإِنْ صُدَّ عَنْ بُلُوغِ الْكَعْبَةِ لِلضَّرُورَةِ , أَنْ يَذْبَحَهُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ. وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى فِي نَحْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ الْهَدْيِ الَّذِي نَحَرَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ , لَمَّا صُدَّ عَنِ الْحَرَمِ , وَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهِ بِقُدَيْدٍ أَنَّ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّ نَحْرَهُ إِيَّاهُ كَانَ فِي الْحَرَمِ

الصفحة 241