كتاب شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 2)

4087 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ: ثنا مُخَوَّلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُخَوَّلِ بْنِ رَاشِدٍ , عَنْ إِسْرَائِيلَ , عَنْ مَجْزَأَةَ بْنِ زَاهِرٍ , عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمِيِّ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صُدَّ الْهَدْيُ , فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ §ابْعَثْ مَعِي بِالْهَدْيِ فَلْأَنْحَرْهُ فِي الْحَرَمِ. قَالَ: «وَكَيْفَ تَأْخُذُ بِهِ؟» قُلْتُ: آخُذُ بِهِ فِي أَوْدِيَةٍ , لَا يَقْدِرُونَ عَلَيَّ فِيهَا، فَبَعَثَهُ مَعِي حَتَّى نَحَرْتُهُ فِي الْحَرَمِ " فَقَدْ دَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ هَدْيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ , نُحِرَ فِي الْحَرَمِ. وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ , وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى دُخُولِ الْحَرَمِ. قَالُوا: وَلَمْ يَكُنْ صُدَّ إِلَّا عَنِ الْبَيْتِ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ
4088 - بِمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ بِشْرٍ الْكُوفِيُّ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ زَائِدَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنِ الْمِسْوَرِ , «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةِ , خِبَاؤُهُ فِي الْحِلِّ , وَمُصَلَّاهُ فِي الْحَرَمِ» فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَمْ يَكُنْ صُدَّ عَنِ الْحَرَمِ , وَأَنَّهُ كَانَ يَصِلُ إِلَى بَعْضِهِ. وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ , لِمَنْ قَدَرَ عَلَى دُخُولِ شَيْءٍ مِنَ الْحَرَمِ , أَنْ يَنْحَرَ هَدْيَهُ دُونَ الْحَرَمِ. فَلَمَّا ثَبَتَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَا , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَانَ يَصِلُ إِلَى بَعْضِ الْحَرَمِ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ نَحْرُ الْهَدْيِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ , لِأَنَّ الَّذِي أَبَاحَ نَحْرَ الْهَدْيِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ , إِنَّمَا يُبِيحُهُ فِي حَالِ الصَّدِّ , عَنِ الْحَرَمِ فِي حَالِ الْقُدْرَةِ عَلَى دُخُولِهِ. فَانْتَفَى بِمَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ الْهَدْيَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ , وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى. وَقَدِ احْتَجَّ قَوْمٌ فِي تَجْوِيزِ نَحْرِ الْهَدْيِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ
4089 - بِمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ خَالِدٍ , عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ , مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا §فَاشْتَكَى الْحَسَنُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِالسُّقْيَا وَهُوَ مُحْرِمٌ , فَأَصَابَهُ بِرْسَامٌ فَأَوْمَى إِلَى رَأْسِهِ فَحَلَقَ عَلَى رَأْسِهِ وَنَحَرَ عَنْهُ جَزُورًا فَأَطْعَمَ أَهْلَ الْمَاءِ -[243]-

4090 - حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ , عَنْ يَحْيَى , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ , غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , وَلِأَنَّ الْحَسَنَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ مُحْرِمًا فَاحْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ , لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ عَلِيًّا نَحَرَ الْجَزُورَ , دُونَ الْحَرَمِ. فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ , أَنَّهُمْ لَا يُبِيحُونَ لِمَنْ كَانَ غَيْرَ مَمْنُوعٍ مِنَ الْحَرَمِ , أَنْ يَذْبَحَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ , وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُونَ إِذَا كَانَ مَمْنُوعًا عَنْهُ. فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا , عَلَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , لَمَّا نَحَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ , وَهُوَ وَاصِلٌ إِلَى الْحَرَمِ , أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ بِهِ الْهَدْيَ , وَلَكِنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَعْنًى آخَرَ مِنَ الصَّدَقَةِ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْمَاءِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِذَلِكَ , مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْهَدْيَ. فَكَمَا يَجُوزُ لِمَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ هَدْيٌ , مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ , فَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِمَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِهَدْيٍ , مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ بَدَأْنَا بِالنَّظَرِ فِي ذَلِكَ , وَذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ , فَأَغْنَانَا ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا

الصفحة 242