كتاب شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 2)

3043 - مَا حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ: ثنا أَسَدٌ , قَالَ: ثنا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ , عَنْ أَبِي حَمْزَةَ , عَنْ عَامِرٍ , عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «§فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ , وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {» لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ "} [البقرة: 177] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ". فَلَمَّا رَأَيْنَا الْمَالَ قَدْ جُعِلَ فِيهِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ , احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْحَقُّ , الَّذِي ذَكَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَيْلِ , هُوَ ذَلِكَ الْحَقُّ أَيْضًا. وَحُجَّةٌ أُخْرَى أَنَّ الزَّكَاةَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , إِنَّمَا هُوَ فِي الْخَيْلِ الْمُرْتَبِطَةِ , لَا فِي الْخَيْلِ السَّائِمَةِ وَحُجَّةٌ أُخْرَى
أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §ذَكَرَ الْإِبِلَ السَّائِمَةَ أَيْضًا فَقَالَ فِيهَا حَقٌّ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ الْحَقِّ مَا هُوَ فَقَالَ «إِطْرَاقُ فَحْلِهَا , وَإِعَارَةُ دَلْوِهَا , وَمَنِيحَةُ سَمِينِهَا»

3044 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ , إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ , قَالَ: ثنا سُفْيَانُ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَتِ الْإِبِلُ أَيْضًا فِيهَا حَقٌّ غَيْرُ الزَّكَاةِ , احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ , الْخَيْلُ. وَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ , مِمَّا رَوَيْنَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَيْضًا عِنْدَنَا , لِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَأْخُذْ ذَلِكَ مِنْهُمْ , عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ. وَقَدْ بَيَّنَ السَّبَبَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَخَذَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , حَارِثَةُ بْنُ مُضَرِّبٍ
3045 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْمَعْرُوفُ بِسُحَيْمٍ الْحَرَّانِيُّ , قَالَ: ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ , قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ , -[28]- عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ , قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا , فَأَتَاهُ أَشْرَافٌ مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّا قَدْ أَصَبْنَا دَوَابَّ وَأَمْوَالًا , فَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا صَدَقَةً تُطَهِّرُنَا بِهَا , وَتَكُونُ لَنَا زَكَاةً. فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ لَمْ يَفْعَلْهُ اللَّذَانِ كَانَا قَبْلِي , وَلَكِنِ انْتَظِرُوا حَتَّى أَسْأَلَ الْمُسْلِمِينَ , فَسَأَلَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالُوا: حَسَنٌ , وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سَاكِتٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ مَعَهُمْ. فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ لَا تَتَكَلَّمُ قَالَ: قَدْ أَشَارُوا عَلَيْكَ , وَلَا بَأْسَ بِمَا قَالُوا , إِنْ لَمْ يَكُنْ أَمْرًا وَاجِبًا وَلَا جِزْيَةً رَاتِبَةً يُؤْخَذُونَ بِهَا. قَالَ: «§فَأَخَذَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ عَشَرَةً , وَمِنْ كُلِّ فَرَسٍ عَشْرَةً , وَمِنْ كُلِّ هَجِينٍ ثَمَانِيَةً , وَمِنْ كُلِّ بِرْذَوْنٍ أَوْ بَغْلٍ , خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فِي السَّنَةِ , وَرَزَقَهُمْ كُلَّ شَهْرٍ , وَلِلْفَرَسِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ , وَالْهَجِينِ ثَمَانِيَةً , وَالْبَغْلِ خَمْسَةً خَمْسَةً , وَالْمَمْلُوكُ جَرِيبَيْنِ كُلَّ شَهْرٍ» فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ أَجَلِهِ , مَا كَانَ أَخَذَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ , أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ زَكَاةً وَلَكِنَّهَا صَدَقَةٌ غَيْرَ زَكَاةٍ. وَقَدْ قَالَ لَهُمْ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِنَّ هَذَا لَمْ يَفْعَلْهُ اللَّذَانِ كَانَا قَبْلِي , يَعْنِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمْ يَأْخُذَا , مِمَّا كَانَ بِحَضْرَتِهِمَا , مِنَ الْخَيْلِ صَدَقَةً , وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى عُمَرَ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ , أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَدَلَّ قَوْلُ عَلِيٍّ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: قَدْ أَشَارُوا عَلَيْكَ , إِنْ لَمْ يَكُنْ جِزْيَةً رَاتِبَةً , وَخَرَاجًا وَاجِبًا ". وَقَبُولُ عُمَرَ ذَلِكَ مِنْهُ , أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا كَانَ أَخَذَ مِنْهُمْ بِسُؤَالِهِمْ إِيَّاهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ , فَيَصْرِفَهُ فِي الصَّدَقَاتِ , وَأَنَّ لَهُمْ مَنْعَ ذَلِكَ مِنْهُ , مَتَى أَحَبُّوا , ثُمَّ سَلَكَ عُمَرُ بِالْعَبِيدِ أَيْضًا فِي ذَلِكَ , مَسْلَكَ الْخَيْلِ , وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ عَلَى أَنَّ الْعَبِيدَ الَّذِينَ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ , يَجِبُ فِيهِمْ صَدَقَةٌ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّبَرُّعِ مِنْ مَوَالِيهِمْ بِإِعْطَاءِ ذَلِكَ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «§عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ»

الصفحة 27