كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 2)

صائما وطعمت فقال لا بأس قال ثم دخلت على إنسان فنسيت فطعمت قال أبو هريرة: أنت إنسان لم تتعود الصيام
21 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ذرعه القيء" بالذال المعجمة والراء فتكون المهملتين أي سبقه وغلبه في الخروج "فلا قضاء عليه ومن استقاء" أي طلب القيء باختياره "فعليه القضاء" رواه الخمسة وأعله أحمد بأنه غلط وقواه الدارقطني وقال البخاري لا آراه محفوظا وقد روي من غير وجه ولا يصح إسناده وأنكره أحمد وقال: ليس من ذا بشيء قال الخطابي: يريد أنه غير محفوظ قد يقال صحيح على شرطهما والحديث دليل على أنه لا يفطر بالقيء الغالب لقوله فلا قضاء عليه إذ عدم القضاء فرع الصحة وعلى أنه يفطر من طلب القيء واستجلبه وظاهره وإن لم يخرج له قيء لأمره بالقضاء ونقل ابن المنذر الإجماع على أن تعمد القيء يفطر قلت ولكنه روي عن ابن عباس ومالك وربيعة والهادي أن القيء لا يفطر مطلقا إلا إذا رجع منه شيء فإنه يفطر وحجتهم ما أخرجه الترمذي والبيهقي بإسناد ضعيف ثلاث لا يفطرن القيء والحجامة والاحتلام ويجاب عنه بحمله على من ذرعه القيء جمعا بين الأدلة وحملا للعام علي الخاص على أن العام غير صحيح والخاص أرجح منه سندا فالعمل به أولى وإن عارضته البراءة الأصلية
22 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان" سنة ثمان من الهجرة قال ابن إسحاق وغيره: إنه خرج يوم العاشر منه " فصام حتى بلغ كراع الغميم" بضم الكاف فراء آخره مهملة والغميم بمعجمة مفتوحة وهو واد أمام عسفان "فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب ليعلم الناس بإفطاره ثم قيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام فقال: "أولئك العصاة" وفي لفظ فقيل: إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينتظرون فيما فعلت بقدح من ماء بعد العصر فشرب" رواه مسلم الحديث دليل على أن المسافر له أن يصوم وله أن يفطر وأن له الإفطار وإن صام أكثر النهار وخالف في الطرف الأول داود والإمامية فقالوا لا يجزيء الصوم لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وبقوله: "أولئك العصاة" قوله: "ليس من البر الصيام في السفر" وخالفهم الجماهير فقالوا يجزئه صومه لفعله صلى الله عليه وسلم والآية لا دليل فيها على عدم الإجزاء وقوله: "أولئك العصاة" إنما هو لمخالفتهم لأمره بالإفطار وقد تعين عليهم وفيه أنه ليس في الحديث أنه أمرهم وإنما يتم على أن فعله يقتضي الوجوب وأما الحديث "ليس من البر" فإنما قاله صلى الله عليه وآله وسلم فيمن شق عليه الصيام نعم يتم الاستدلال بتحريم الصوم في السفر على من شق عليه فإنه إنما أفطر صلى الله عليه وآله وسلم لقولهم إنهم قد شق عليهم الصيام والذين صاموا بعد ذلك وصفهم بأنهم عصاة وأما جواز الإفطار إن صام أكثر النهار فذهب أيضا إلى

الصفحة 161