كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 2)

في حكم الخطاب الواحد فيترتب فيه المطلق على المقيد مطلقاَ وقالت الحنفية لا يحمل المطلق على المقيد فتجزيء الرقبة الكافرة وقيل يفصل في ذلك وهو أنه يقيد المطلق إذا أقتضى القياس التقييد فيكون تقييدا بالقياس كالتخصيص بالقياس وهو مذهب الجمهور والعلة الجامعة هنا هو أن جميع ذلك كفارة عن ذنب مكفر للخطيئة والمسألة مبسوطة في الأصول ثم الحديث ظاهر في أن الكفارة مرتبة كما ذكر في الحديث فلا يجزيء العدول إلى الثاني مع إمكان الأول ولا إلى الثالث مع إمكان الثاني لوقوعه مرتبا في رواية الصحيحين وروى الزهري الترتيب عن ثلاثين نفسا أو أكثر ورواية التخيير مرجوحة مع ثبوت الترتيب في الصحيحين ويؤيد رواية الترتيب أنه الواقع في كفارة الظهار وهذه الكفارة شبيهة بها قوله ستين مسكينا ظاهر مفهومه أنه لا يجزيء إلا إطعام هذا العدد فلا يجزيء أقل من ذلك وقال الحنفية يجزيء الصرف في واحد ففي القدوري من كتبهم فإن أطعم مسكينا واحدا ستين يوما أجزأه عندنا وإن أعطاه في يوم واحد لن يجزه إلا عن يومه وقوله "ذهب فأطعمه أهلك" فيه قولان للعلماء أحدهما أن هذه كفارة ومن قاعدة الكفارات أن لا تصرف في النفس لكنه صلى الله عليه وسلم خصه بذلك ورد بأن الأصل عدم الخصوصية الثاني أن الكفارة ساقطة عنه لإعساره ويدل له حديث علي رضي الله عنه كله أنت وعيالك فقد كفر الله عنك إلا أنه حديث ضعيف أو أنها باقية في ذمته والذي أعطاه صلى الله عليه وسلم صدقة عليه وعلى أهله لما عرفه صلى الله عليه وسلم من حاجتهم وقالت الهادوية وجماعة إن الكفارة غير واجبة أصلا لا على موسر ولا معسر قالوا لأنه أباح له أن يأكل منها ولو كانت واجبة لما جاز ذلك وهوإستدلال غير ناهض لأن المراد ظاهر في الوجوب وإباحة الأكل لا تدل على أنها كفارة بل فيها الاحتمالات التي سلفت واستدل المهدي في البحر على عدم وجوب الكفار بأنه صلى الله عليه وسلم قال للمجامع "ستغفر الله وصم يوما مكانه" ولم يذكرها وأجيب عنه بأنه قد ثبت رواية الأمر بها ثم السبعة بهذا الحديث المذكور هنا واعلم أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمره في هذه الرواية بقضاء اليوم الذي جامع فيه إلا أنه ورد في رواية أخرجها أبو داود من حديث أبي هريرة بلفظ كله أنت وأهل بيتك وصم يوما واستغفر الله وإلى وجوب القضاء ذهبت الهادوية والشافعي لعموم قوله تعالى - فعدة من أيام أخر - وفي قول الشافعي أنه لا قضاء لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمره إلا بالكفارة لا غير وأجيب بأنه اتكل صلى الله عليه وسلم على ما علم من الآية هذا حكم ما يجب على الرجل وأما المرأة التي جامعها فقد استدل بهذا الحديث أنه لا يلزم إلا كفارة واحدة وأنها لا تجب على الزوجة وهو الأصح من قولي الشافعي وبه قال الأوزاعي وذهب الجمهور إلى وجوبها على المرأة أيضا قالوا وإنما لم يذكرها النبي صلى الله عليه وسلم مع الزوج لأنها لم تعترف واعتراف الزوج لا يوجب عليها الحكم أو لاحتمال أن المرأة لم تكن صائمة بأن تكون طاهرة من الحيض بعد طلوع الفجر

الصفحة 164