كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 2)

المباح، والإتيان بهذه الجملة لدفع ما يتوهم أنها إذا لم تجب ترددت بين الإباحة والندب، بل كان ظاهراً في الإباحة لأنها الأصل فأبان بها ندبها رواه أحمد والترمذي ورفوعا والراجح وقفه على جابر فإنه الذي سأله الأعرابي وأجاب عنه وهو مما للاجتهاد فيه مسرح (وأخرجه ابن عدي من وجه آخر) وذلك أنه رواه من طريق أبي عصمة عن ابن المنكدر عن جابر، ووأبو عصمة كذبوه (ضعيف) لأن في إسناده أبا عصمة، وفي إسناده عند أحمد والترمذي أيضا الحجاج بن أرطأة وهو ضعيف. وقد روى ابن عدي والبيهقي من حديث عطاء عن جابر "الحج والعمرة فريضتان" وسيأتي بما فيه، والقول بأن حديث جابر المذكور صححه الترمذي مردود بما في الإمام أن الترمذي لم يزد على قوله حسن في جميع الروايات عنه وأفرط ابن حزم فقال إنه مكذوب باطل.
وفي الباب أحاديث لا تقوم بها حجة. ونقل الترمذي عن الشافعي أنه قال: ليس في العمرة شيء ثابت أنها تطوع؛ وفي إيجابها أحاديث لا تقوم بها الحجة كحديث عائشة الماضي وكالحديث:
4 - عنْ جابر رضي الله عنه مرْفوعاً: "الحجُّ والعُمْرةُ فريضتان". ولو ثبت لكان ناهضاً على إيجاب العمرة إلا أن المصنف لم يذكر هنا من أخرجه ولا ما قيل فيه. والذي في التلخيص أنه أخرجه ابن عدي والبيهقي من حديث ابن لهيعة عن عطاء عن جابر، وابن لهيعة ضعيف، وقال ابن عدي: هو غير محفوظ عن عطاء، وأخرجه أيضاً الدارقطني من رواية زيد بن ثابت بزيادة "لا يضرك بأيهما بدأت". وفي إحدى طريقيه ضعف، وانقطاع في الأخرى، ورواه البيهقي من طريق ابن سيرين موقوفاً وإسناده أصح وصححه الحاكم.
ولما اختلفت الأدلة في إيجاب العمرة وعدمه اختلف العلماء في ذلك سلفاً وخلفاً. فذهب ابن عمر إلى وجوبها رواه عنه البخاري تعليقاً ووصله عنه ابن خزيمة والدارقطني وعلق أيضاً عن ابن عباس إنها لقرينتها في كتاب الله {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} ووصله عنه الشافعي وغيره، وصرح البخاري بالوجوب وبوب عليه بقوله: "باب وجوب العمرة وفضلها" وساق خبر ابن عمر وابن عباس.واستدل غيره للوجوب بحديث "حج عن أبيك واعتمر" وهو حديث صحيح قال الشافعي لا أعلم في إيجاب العمرة أجود منه. وإلى الإيجاب ذهبت الحنفية لما ذكر من الأدلة، وأما الاستدلال بقوله تعالى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} فقد أجيب عنه بأنه لا يفيد إلا وجوب الإتمام وهو متفق على وجوبه بعد الإحرام بالعمرة ولو تطوعاً.وذهبت الشافعية إلى أن العمرة فرض في الأظهر. والأدلة لا تنهض عند التحقيق على الإيجاب الذي الأصل عدمه.
5 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قيل: "يا رسول الله ما السبيل؟" أي الذي ذكر الله تعالى في الآية (قال: "الزَّاد والرَّاحلةُ" رواه الدارقطني وصححه الحاكم قلت: والبيهقي أيضاً من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم (والراجح إرساله) لأنه قال البيهقي: الصواب عن قتادة عن الحسن مرسلا، قال المصنف: يعني الذي أخرجه الدارقطني وسنده صحيح إلى الحسن ولا أرى الموصول إلا وهماً (وأخرجه الترمذي من حديث ابن عمر أيضاً) أي كما أخرجه غيره من حديث أنس (وفي إسناده

الصفحة 179