كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 2)

ضعف) وإن قال الترمذي: إنه حسن، وذلك أن فيه راوياً متروك الحديث وله طرق عن علي وعن ابن عباس وعن ابن مسعود وعن عائشة وعن غيرهم من طرق كلها ضعيفة قال عبد الحق: طرقه كلها ضعيفة. وقال ابن المنذر: لا يثبت الحديث عن ذلك مسنداً، والصحيح من الروايات رواية الحسن المرسلة.وقد ذهب إلى هذا التفسير أكثر الأمة فالزاد شرط مطلقاً والراحلة لمن داره على مسافة.وقال ابن تيمية في شرح العمدة بعد سرده لما ورد في ذلك: فهذه الأحاديث مسندة من طرق حسان ومرسلة وموقوفة تدل على أن مناط الوجوب الزاد والراحلة مع علم النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أن كثيراً من الناس يقدرون على المشي وأيضاً إن الله قال في الحج: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} إما أن يعني القدرة المعتبرة في جميع العبادات وهو مطلق المكنة أو قدراً زائدة على ذلك فإن كان المعتبر هو الأول لم يحتج إلى هذا التقييد كما لم يحتج إليه في آية الصوم والصلاة، فعلم أن المعتبر قدر زائد في ذلك، وليس هو إلا المال، وأيضاً فإن الحج عبادة مفتقرة إلى مسافة، فافتقر وجوبها إلى ملك الزاد والراحلة كالجهاد، ودليل الأصل قوله: {وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} إلى قوله: {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ} الآية انتهى.وذهب ابن الزبير وجماعة من التابعين إلى أن الاستطاعة هي الصحة لا غير لقوله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} فإنه فسر الزاد بالتقوى وأجيب بأنه غير مراد من الآية كما يدل سبب نزولها. وحديث الباب يدل أنه أريد بالزاد الحقيقة وهو وإن ضعفت طرقه فكثرتها تشد ضعفه، والمراد به كفاية فاصلة عن كفاية من يعول حتى يعود لقوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول" أخرجه أبو داود.ويجزيء الحج وإن كان المال حراماً ويأثم عند الأكثر. وقال أحمد: لا يجزيء.
6- وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لقي ركباً قال عياض: يحتمل أنه لقيهم ليلا فلم يعرفوه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، ويحتمل أنه نهاراً ولكنهم لم يروه قبل ذلك (بالرَوْحاء) براء مهملة وبعد الواو حاء مهملة بزنة حمراء محل قرب المدينة (فقال: "مَنْ القوْم" فقالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: "رسول الله" فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت: ألهذا حج؟ قال: "نعَمْ ولكِ أَجْرٌ" بسبب حملها وحجها به، أو بسبب سؤالها عن ذلك الأمر، أو بسبب الأمرين أخرجه مسلم والحديث دليل على أنه يصح حج الصبي وينعقد سواء كان مميزاً أم لا حيث فعل وليه عنه ما يفعل الحاج، وإلى هذا ذهب الجمهور ولكنه لا يجزئه عن حجة الإسلام لحديث ابن عباس "إيما غلام حج به أهله ثم بلغ فعليه حجة أخرى" أخرجه الخطيب والضياء المقدسي من حديث ابن عباس وفيه زيادة. قال القاضي: أجمعوا على أنه لا يجزئه إذا بلغ عن فريضة الإسلام إلا فرقة شذت فقالت: يجزئه.لقوله: "نعم" فإن ظاهره حج والحج إذا أطلق يتبادر منه ما يسقط الواجب ولكن العلماء ذهبوا إلى خلاف ذلك. قال النووي: والولي الذي يحرم عن الصبي إذا كان غير مميز وهو ولي ماله وهو أبوه أو جده أو الوصي أي المنصوب من جهة الحاكم أو الأم فلا يصح إحرامها عنه إلا أن تكون

الصفحة 180