كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 2)

مطلقاً مستطيعاً كان أو لا، لأن ترك الاستفصال والتفريق في حكاية الأحوال دال على العموم، ولأن الحج واجب في أول سنة من سنى الإمكان فإذا أمكنه فعله عن نفسه لم يجز أن يفعله عن غيره، لأن الأوّل فرض والثاني نفل، كمن عليه دين وهو مطالب به ومعه دراهم بقدره لم يكن له أن يصرفها إلا إلى دينه وكذلك كل ما احتاج أن يصرفه إلى واجب عنه فلا يصرفه إلى غيره، إلا أن هذا إنما يتم في المستطيع، ولذا قيل: إنما يؤمر أن يبدأ بالحج عن نفسه إذا كان واجباً عليه، وغير المستطيع لم يجب عليه فجاز أن يحج عن غيره ولكن العمل بظاهر عموم الحديث أولى.
12.- وعنه) أي ابن عباس رضي الله عنهما (قال: خطبنا رسول صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فقال: "إن الله كتب عليكم الحج" فقام الأقرع بن حابس فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ قال: "لو قُلتها لوجبت، الحج مرَّة، فما زاد فَهُوَ تطوع" رواه الخمسة غير الترمذي وأصله في مسلم من حديث أبي هريرة) وفي رواية زيادة بعد قوله لو جبت "ولو وجبت لم تقوموا بها ولو لم تقوموا بها لعذبتم" . والحديث دليل على أنه لا يجب الحج إلا مرة واحدة في العمر على كل مكلف مستطيع. وقد أخذ من قوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لو قلت نعم لو جبت" . أنه يجوز أن يفوّض الله إلى الرسول صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم شرح الأحكام ومحل المسألة الأصول وفيها خلاف بين العلماء قد أشار إليه الشارح رحمه الله.
باب المواقيت
...
باب المواقيت
المواقيت: جمع ميقات، والميقات: ما حدّ ووقّت للعبادة، من زمان ومكان، والتوقيت: التحديد، ولهذا يذكر في هذا الباب ما حده الشارع للإحرام من الأماكن
1- عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم وقت لأهل المدينة ذا الحُلَيْفَة) بضم الحاء المهملة وبعد اللام مثناة تحتية وفاء: تصغير حلفة، والحلفة: وواحدة الحلفاء نبت في الماء. وهي مكان معروف بينه وبين مكة عشر مراحل، وهي من المدينة على فرسخ، وبها المسجد الذي أحرم منه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم والبئر تسمى الآن "بئر علي"، وهي أبعد المواقيت إلى مكة (ولأهل الشام الجُحْفَة) بضم الجيم وسكون الحاء المهملة ففاء سميت بذلك لأن السيل اجتحف أهلها إلى الجبل الذي هنالك، وهي من مكة على ثلاث مراحل، وتسمى "مهيعة" كانت قرية قديمة، وهي الآن خراب، ولذا يحرمون الآن من رابغ قبلها لوجود الماء بها للاغتسال (ولأهل نجد قَرْن المنازل) بفتح القاف وسكون الراء، ويقال له: "قرن الثعالب" بينه وبين مكة مرحلتان (ولأهل اليمن يلملم) بينه وبين مكة مرحلتان (هنّ) أي المواقيت (لهنّ) أي البلدان المذكورة والمراد لأهلها ووقع في بعض الروايات "هنّ لهم" ، وفي رواية للبخاري "هنّ لأهلهنّ" (ولمن أتى عليهنّ من غيرهنّ ممن أراد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك) المذكور من

الصفحة 185