كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 2)

جائزة عند الجمهور ولا فدية. وكرهها قوم وقيل: تحب فيها الفدية. وقد نبه الحديث على قاعدة شرعية وهي أن محرمات الإحرام من الحلق وقتل الصيد ونحوهما، تباح للحاجة وعليه الفدية، فمن احتاج إلى حلق رأسه أو لبس قميصه مثلاً، لحرّ أو برد، أبيح له ذلك ولزمته الفدية، وعليه دل قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ} الآية، وبيّن قدر الفدية الحديث وهو قوله:
11- وعن كعب بن عُجْرة رضي الله عنه) بضم المهملة وسكون الجيم وبالراء كعب صحابي جليل حليف الأنصار نزل الكوفة ومات بالمدينة سنة إحدى وخمسين (قال حُملت) مغير الصيغة (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي فقال: "ما كنت أُرى" بضم الهمزة أي أظن (الوجع بلغ بك ما أرى) بفتح الهمزة من الرؤية (أَتجد شاة؟" قلت: لا، قال: "تصوم ثلاثة أَيام أو تُطعم ستّة مساكين لكُلِّ مسكين نصْف صاعٍ" متفق عليه)، وفي رواية للبخاري مرّ بي رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بالحديبية ورأسي يتهافت قملاً فقال: "أتؤذيك هوامّك؟ قلت: نعم، قال: فاحلق رأسك" . الحديث وفيه فقال: نزلت فيّ هذه الآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ} الآية. وقد روي الحديث بألفاظ عديدة وظاهره أنه يجب تقديم النسك على النوعين الآخرين إذا وجدو، وظاهر الآية الكريمة وسائر روايات الحديث أنه مخير في الثلاث جميعاً ولذا قال البخاري في أول باب الكفارات: "خير النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كعباً في الفدية" وأخرج أبو داود من طريق الشعبي عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة. أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن شئت فانسك نسيكة وإن شئت فصم ثلاثة أيام وإن شئت فأطعم". الحديث. والظاهر أن التخيير إجماع. وقوله: "نصف صاع" أخذ جماهير العلماء بظاهره إلا ما يروى عن أبي حنيفة والثوري أنه نصف صاع من حنطة وصاع من غيرها.
12- .وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما فتح الله على رسوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ) أراد به فتح مكة وأطلقه لأنه المعروف (قام رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في الناس) أي خطيباً وكان قيامه ثاني الفتح (فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "إن الله حبس عن مكّة الفيل" تعريفاً لهم بالمنة التي منّ الله تعالى بها عليهم وهي قصة معروفة مذكورة في القرآن (وسلط عليها رسوله والمؤمنين) ففتحوها عنوة "وإنها لمْ تحلّ لأحدٍ كان قبلي، وإنّما أُحلتْ لي ساعةً من نهار" هي ساعة دخوله إياها "وإنّها لن تحلَّ لأحدٍ بَعْدي، فلا يُنَفّر" بالبناء للمجهول "صيدها" أي لا يزعجه أحد ولا ينحيه عن موضعه (ولا يختلى) بالخاء المعجمة مبني للمجهول أيضاً "شَوْكُها" أي لا يؤخذ ويقطع "ولا تحلُّ ساقطتها" أي لقطتها وهو بهذا اللفظ في رواية "إلا لمنشد" أي معرف لها يقال له: منشد، وطالبها ناشد "ومن قتل لهُ قتيلٌ فهو بخيْر النّظرين " إما أخذ الدية أو قتل القاتل (فقال العباس: إلا الإذخر يا رسول الله) بكسر الهمزة وسكون الذال المعجمة فخاء معجمة مكسورة:

الصفحة 196