كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 2)

اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ} وغيرها من الآيات "وإني حرّمتُ المدينة" هي علم بالغلبة لمدينته صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم التي هاجر إليها فلا يتبادر عند إطلاق لفظها إلا هي "كما حرّم إبراهيم مكّة، وإني دعوت في صاعها ومُدِّهَا" أي فيما يكال بهما لأنهما مكيالان معروفان "بمثل ما دعا به إبراهيمُ لأهل مكة" متفق عليه). المراد من تحريم مكة: تأمين أهلها من أن يقاتلوا، وتحريم من يدخلها لقوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} ، وتحريم صيدها وقطع شجرها، وعضد شوكها.
والمراد من تحريم المدينة: تحريم صيدها، وقطع شجرها، ولا يحدث فيها حدث.
وفي تحديد حرم المدينة خلاف ورد تحديده بألفاظ كثيرة ورجحت رواية "ما بين لابتيها" لتوارد الرواة عليها.
14- وعن علي رضي الله عنه قال: قال النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم "المدينةُ حرمٌ ما بين عَيْرٍ" بالعين المهملة فمثناة تحتية فراء جبل بالمدينة "إلى ثور" رواه مسلم) ثور بالمثلثة وسكون الواو وآخره راء في القاموس إنه جبل بالمدينة، قال: وفيه الحديث الصحيح، وذكر هذا الحديث، ثم قال: وأما قول أبي عبيد القاسم بن سلام وغيره من الأكابر الأعلام: إن هذا تصحيف، والصواب إلى أحد لأن ثوراً إنما هو بمكة فغير جيد، لما أخبرني الشجاع الثعلبي الشيخ الزاهد عن الحافظ أبي محمد بن عبد السلام البصري أن حذاء أُحد جانحاً إلى ورائه جبلاً صغيراً يقال له ثور، وتكرر سؤالي عنه طوائف من العرب العارفين بتلك الأرض فكل أخبرني أن اسمه ثور ولما كتب إليّ الشيخ عفيف الدين المطري عن والده الحافظ الثقة قال: إن خلف أُحد عن شماله جبلاً صغيراً مدوراً يسمى ثوراً يعرفه أهل المدينة خلف عن سلف انتهى. وهو لا ينافي حديث ".." ما بين لابتيها لأنهما حرتان يكتنفانها كما في القاموس وعير وثور مكتنفان المدينة فحديث عير وثور يفسر اللابتين.
باب صفة الحج ودخول مكة
...
باب صفة الحج ودخول مكة
أراد به: بيان المناسك والإتيان بها مرتبة، وكيفية وقوعها، وذكر حديث جابر وهو وافٍ بجميع ذلك.
1- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم حج) عبر بالماضي لأنه روى ذلك بعد تقضي الحج حين سأله عنه محمد بن عليّ بن الحسين كما في صحيح مسلم (فخرجنا معه) أي من المدينة (حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس) بصيغة التصغير امرأة أبي بكر يعني "محمد بن أبي بكر" (فقال) أي النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "اغتسلي واستثفري" بسين مهملة فمثناة فوقية ثم راء هو: شدّ المرأة على وسطها شيئاً ثم تأخذ خرقة عريضة تجعلها في محل الدم وتشد طرفيها من ورائها ومن قدامها إلى ذلك الذي شدته في وسطها وقوله (بثوب) بيان لما تستثفر به (وأحْرمي") فيه: أنه لا يمنع النفاس صحة عقد الإحرام (فصلى رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم) أي صلاة الفجر

الصفحة 198