كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 2)

المجلد الثاني
(تابع) كتاب الصلاة
باب صلاة التطوع
...
باب صلاة التطوع
أي صلاة العبد التطوع فهو من إضافة المصدر إلى مفعوله وحذف فاعله. في القاموس صلاة التطوع: النافلة.
1 - عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه" من أهل الصفة كان خادماً لرسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم صحبه قديماً ولازمه حضراً وسفراً، مات سنة ثلاث وستين من الهجرة، وكنيته أبو فراس بكسر الفاء فراء آخره سين مهملة، "قال: قال لي رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: سل، فقلت: اسألك مرافقتك في الجنة، فقال أو غير ذلك" ، قلت: هو ذاك، قال: "فأعني على نفسك" أي على نيل مراد نفسك، "بكثرة السجود". رواه مسلم. حمل المصنف السجود على الصلاة نفلاً فجعل الحديث دليلاً على التطوع، وكأنه صرفه عن الحقيقة كون السجود بغير صلاة غير مرغب فيه على انفراده والسجود وإن كان يصدق على الفرض، لكن الإتيان بالفرائض لا بد منه لكل مسلم، وإنما أرشده صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إلى شيء يختص به ينال به ما طلبه.
وفيه دلالة على كمال إيمان المذكور وسمو همته إلى أشرف المطالب وأغلى المراتب وعزف نفسه عن الدنيا وشهواتها. ودلالة على أن الصلاة أفضل الأعمال في حق من كان مثله فإنه لم يرشده صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إلى نيل ما طلبه إلا بكثرة الصلاة مع أن مطلوبة أشرف المطالب.
2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: حفظت من النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم عشر ركعات" هذا إجمال فصله بقوله: "ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب في بيته" تقييدها يدل على أن ما عداها كان يفعله في المسجد، "وكذلك" قوله: "ركعتين بعد العشاء في بيته وركعتين قبل الصبح" لم يقيدهما مع أنه كان يصليهما صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في بيته وكأنه ترك التقييد لشهرة ذلك من فعله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم. متفق عليه. وفي رواية لهما "وركعتين بعد الجمعة في بيته" فيكون قوله عشر ركعات نظراً إلى التكرار كل يوم، ولمسلم: أي من حديث ابن عمر "كان إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين" هما المعدوتان في العشر، وإنما أفاد لفظ مسلم خفتهما، وإنه لا يصلي بعد طلوعه

الصفحة 3