كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 2)

إحرامه في أي حالة أدركه عليها، بل فيه الأمر بالكون معه، وقد أخرج الطبراني في الكبير برجال موثقين ـ كما قال الهيثمي ـ عن علي وابن مسعود قالا: "من لم يدرك الركعة فلا يعتد بالسجدة" وأخرج أيضاً في الكبير ـ قال الهيثمي أيضاً برجال موثقين ـ من حديث زيد بن وهب قال: دخلت أنا وابن مسعود المسجد والإمام راكع فركعنا، ثم مشينا حتى استوينا بالصف فلما فرغ الإمام قمت أقضي فقال: قد أدركته.
وهذه آثار موقوفة، وفي الآخر دليل ـ أي مأنوس ـ بما ذهب، وهو أحد احتمالات حديث أبي بكرة وإلا فإنها آثار موقوفة ليست بأدلة على ما ذهب إليه ابن الزبير وقد تقدم.
وورد في بعض الروايات حديث الباب بلفظ "فاقضوا" عوض "أتموا" والقضاء يطلق على أداء الشيء فهو في معنى "أتموا" فلا مغايرة.
ثم قد اختلف العلماء فيما يدركه اللاحق مع إمامه هل هي أول صلاته أو آخرها؟ والحق أنها أولها وقد حققناه في حواشي ضوء النهار.
واختلف فيما إذا أدرك الإمام راكعاً فركع معه هل تسقط قراءة تلك الركعة عند من أوجب الفاتحة فيعتد بها أو لا تسقط فلا يعتد بها؟ قيل: يعتد بها لأنه قد أدرك الإمام قبل أن يقيم صلبه، وقيل: لا يعتد بها لأنه فاتته الفاتحة وقد بسطنا القول في ذلك في مسألة مستقلة وترجح عندنا الإجزاء.. ومن أدلته حديث أبي بكرة حيث ركع وهم ركوع، ثم أقره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم على ذلك وإنما نهاه عن العودة إلى الدخول قبل الانتهاء إلى الصف كما عرفت.
25- وعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "صلاة الرَّجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده" أي أكثر أجراً من صلاته منفرداً "وصلاتهُ مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحبُّ إلى الله عزَّ وجلَّ" رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان" وأخرجه ابن ماجه، وصححه ابن السكن والعقيلي والحاكم، وذكر الاختلاف فيه، وأخرجه البزار والطبراني بلفظ "صلاة الرجلين يؤم أحدهما صاحبه أزكى عند الله من صلاة مائة تترى".
وفيه دلالة على أن أقل صلاة الجماعة إمام ومأموم، ويوافقه ما أخرجه ابن ماجه من حديث أبي موسى "اثنان فما فوقهما جماعة" ورواه البيهقي أيضاً من حديث أنس وفيهما ضعف.
وبوَّب البخاري "باب اثنان فما فوقهما جماعة" واستدل بحديث مالك ابن الحويرث "إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما ثم ليؤمكما أكبركما". وقد روى أحمد من حديث أبي سعيد: أنه دخل المسجد رجل وقد صلى النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بأصحابه الظهر فقال له النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "ما حبسك يا فلان عن الصلاة"؟ فذكر شيئاً اعتل به؛ قال: فقام يصلي، فقال رسول اللهصَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه؟" فقام رجل معه. قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح.
26- وعن أم ورقة رضي الله عنها" بفتح الواو والراء والقاف هي أم ورقة بنت نوفل الأنصارية،

الصفحة 34