عنها حبيب بن عبد الرحمن بن يساف، قال أحمد بن زهير: سمعت أبي يقول: أم هشام بنت حارثة بايعت بيعة الرضوان ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب ولم يذكر اسمها، وذكرها المصنف في التقريب ولم يسمعها أيضاً وإنما قال: صحابية مشهورة "قالت: ما أخذت ق والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرؤها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس : رواه مسلم".
فيه دليل على مشروعية قراءة سورة "ق" في الخطبة كل جمعة.
قال العلماء: وسبب اختياره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم هذه السورة لما اشتملت عليه من ذكر البعث والموت والمواعظ الشديدة والزواجر الأكيدة.
وفيه دلالة لقراءة شيء من القرآن في الخطبة كما سبق وقد قام الإجماع على عدم وجوب قراءة السورة المذكورة ولا بعضها في الخطبة، وكانت محافظته على هذه السورة اختياراً منه لما هو الأحسن في الوعظ والتذكير.
وفيه دلالة على ترديد الوعظ في الخطبة.
10- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً والذي يقول له: أَنصت ليست له جمعة" رواه أحمد بإسناد لا بأس به" وله شاهد قوي في جامع حماد مرسل "وهو" أي حديث ابن عباس "يفسر" الحديث.
11 ـ عن أَبي هُريرَة رضي اللَّهُ عنْهُ في الصّحيحيّنِ مَرْفوعاً "إذا قُلْتَ لِصاحِبِكَ أَنْصِتْ يَوْمَ الجُمُعَةِ والإمامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ".
في قوله "يوم الجمعة" دلالة على أن خطبة غير الجمعة ليست مثلها ينهى عن الكلام حالها.
وقوله "والإمام يخطب" دليل على أنه يختص النهي بحال الخطبة، وفيه رد على من قال إنه ينهى من حال خروج الإمام.
وأما الكلام عند جلوسه بين الخطبتين فهو غير خاطب فلا ينهى عن الكلام حاله. وقيل هو وقت يسير يشبه بالسكوت للتنفس فهو في حكم الخاطب.
وإنما شبه بالحمار يحمل أسفاراً لأنه فاته الانتفاع بأبلغ نافع وقد تكلف المشقة وأتعب نفسه في حضور الجمعة، والمشبه به كذلك فاته الانتفاع بأبلغ نافع مع تحمل التعب في استصحابه.
وفي قوله "ليست له جمعة" دليل على أنه لا صلاة له فإن المراد بالجمعة الصلاة إلا أنها تجزئة إجماعاً فلا بد من تأويل هذا بأنه نفي للفضيلة التي يحوزها من أنصت وهو كما في حديث ابن عمر الذي أخرجه أبو داود وابن خزيمة بلفظ "من لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهراً" قال ابن وهب أحد رواته: معناه أجزأته الصلاة وحرم فضيلة الجماعة.
وقد احتج بالحديث من قال بحرمة الكلام حال الخطبة وهم الهادوية وأبو حنيفة ومالك ورواية عن الشافعي فإن تشبيهه بالمشبه به المستنكر وملاحظة وجه الشبه يدل على قبح ذلك، وكذلك نسبته إلى فوات الفضيلة الحاصلة بالجمعة، وما ذاك إلا ما لحق المتكلم من الوزر الذي يقال الفضيلة فيصير محبطاً لها.
وذهب القاسم وابنا الهادي وأحد قولي أحمد والشافعي إلى التفرقة بين من يسمع الخطبة ومن لا يسمعها.
ونقل ابن عبد البر الإجماع على وجوب الإنصات على من يسمع خطبة الجمعة