كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (اسم الجزء: 2)

المكوس (¬1) الموضوعة، ولا إلى العقوبات الجائرة، ولا إلى من يحفظهم من العبيد والمستعبدين، كما كان الخلفاء الراشدون، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم من أمراء بعض الأقاليم.
وكذلك العلماء: إذا أقاموا كتاب الله وفقهوا ما فيه من البينات التي هي حجج الله، وما فيه من الهدى، الذي هو العلم النافع والعمل الصالح، وأقاموا حكمة الله التي بعث (¬2) بها رسوله صلى الله عليه وسلم -وهي سنته- لوجدوا فيها من أنواع العلوم النافعة ما يحيط بعلم عامة الناس، ولميزوا (¬3) حينئذ بين المحق والمبطل من جميع الخلق، بوصف الشهادة التي (¬4) جعلها الله لهذه الأمة، حيث يقول عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143] (¬5) ولاستغنوا بذلك عما ابتدعه المبتدعون، من الحجج الفاسدة، التي يزعم الكلاميون (¬6) أنهم ينصرون بها أصل الدين، ومن الرأي الفاسد الذي يزعم القياسيون (¬7) أنهم يتمون (¬8) به فروع (¬9) الدين، وما كان من الحجج صحيحا ومن الرأي سديدا، فذلك له أصل في كتاب الله
¬_________
(¬1) المكوس: هي الضرائب. خاصة تلك التي تأخذها الدول على البضائع الواردة من خارجها، وهي أموال مسلمين، وتسمى اليوم (الجمارك) .
(¬2) في (أ) : بعث الله بها.
(¬3) في (ب) : ليميزوا.
(¬4) في (أب ط) : الذي جعله الله.
(¬5) سورة البقرة: من الآية 143.
(¬6) الكلاميون: هم أهل الكلام والفلسفة الذين يخوضون في العقيدة وأمور الغيب وأسماء الله وصفاته بكلام يخترعونه من عندهم لم ينزله الله ولم يؤثر عن أنبيائه، كالجهمية والمعتزلة وبعض الأشاعرة والفلاسفة وأكثر الصوفية.
(¬7) في (أط) : القياسون: وقد عرفتهم من قبل. ولعل المؤلف هنا ذم أولئك الذين يتوسعون بالأخذ بالقياس ويستهينون بالنصوص من الفقهاء ونحوهم.
(¬8) في (ب) : متمون.
(¬9) في (ط) : فروج.

الصفحة 105