كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (اسم الجزء: 2)
وهنا قول ثالث قاله كثير من الفقهاء من أصحابنا، وغيرهم أيضا. وهو: أن الحكم المنصوص لا يعلل إلا بوصف دل الشرع على أنه معلل به، ولا يكتفى بكونه علل به (¬1) نظيره أو نوعه.
وتلخيص الفرق بين الأقوال الثلاثة: أنا إذا رأينا الشارع قد نص على الحكم، ودل على علته، كما قال (¬2) في الهرة: «إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات» (¬3) فهذه العلة تسمى المنصوصة، أو المومى إليها، علمت مناسبتها أو لم تعلم فيعمل بموجبها باتفاق الطوائف الثلاث، وإن اختلفوا: هل يسمى هذا قياسا أو لا يسمى؟
ومثاله في كلام الناس، ما لو قال السيد لغلامه: لا تدخل داري فلانا، فإنه مبتدع، أو فإنه أسود، ونحو ذلك، فإنه يفهم منه أنه لا يدخل داره من كان مبتدعا، أو من كان أسود، وهو نظير أن يقول: لا تدخل داري مبتدعا ولا أسود. ولهذا نعمل نحن بمثل هذا في باب الأيمان، فلو قال: لا لبست هذا الثوب الذي يمن به علي (¬4) حنث بما كانت منته مثل منته، وهو يمنه (¬5) ونحو ذلك.
¬_________
(¬1) في (أ) : علل نظيره.
(¬2) في (ب) : كما قال صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم.
(¬3) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة، الحديث رقم (75) ، (1 / 60) ، والترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء في سؤر الهرة، الحديث رقم (92) ، (1 / 153، 154) ، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وابن ماجه في كتاب الطهارة، باب الوضوء بسؤر الهرة، الحديث رقم (367) ، (1 / 131) ، وابن خزيمة في صحيحه، كتاب الوضوء باب الرخصة في الوضوء بسؤر الهرة، الحديث رقم (104) ، (1 / 55) ، وقال المعلق (الأعظمي) : (إسناده صحيح) .
(¬4) في المطبوعة زاد: فلان.
(¬5) في المطبوعة: وهو ثمنه.