كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (اسم الجزء: 2)

ومن ظن (¬1) أنها ترد على الباذل المستأجر؛ لأنها مقبوضة بعقد فاسد، فيجب (¬2) ردها عليه كالمقبوض بالربا، أو نحوه من العقود الفاسدة.
فيقال له: المقبوض بالعقد الفاسد يجب فيه التراد من الجانبين، فيرد كل منهما على الآخر ما قبضه منه، كما في تقابض الربا عند (¬3) من يقول: المقبوض بالعقد الفاسد لا يملك (¬4) كما هو المعروف من مذهب الشافعي وأحمد.
فأما إذا تلف المقبوض عند القابض، فإنه لا يستحق استرجاع عوضه مطلقا، وحينئذ فيقال: وإن كان ظاهر القياس يوجب ردها بناء على أنها مقبوضة بعقد فاسد، فإن الزاني ومستمع الغناء والنوح قد بذلوا هذا المال عن طيب نفوسهم، واستوفوا العوض (¬5) المحرم، والتحريم الذي فيه ليس لحقهم، وإنما هو لحق الله تعالى، وقد فاتت هذه المنفعة (¬6) بالقبض، والأصول تقتضي: أنه إذا رد أحد العوضين يرد الآخر، فإذا تعذر (¬7) على المستأجر رد المنفعة لم يرد عليه المال.
وأيضا، (¬8) فإن هذا الذي استوفيت منفعته عليه ضرر في أخذ منفعته (¬9) وعوضها جميعا منه، بخلاف ما لو كان العوض خمرا أو ميتة، فإن تلك لا ضرر عليه في فواتها، فإنها لو كانت باقية أتلفناها عليه، ومنفعة الغناء والنوح
¬_________
(¬1) في (أ) : وفي ظني.
(¬2) في (أ) : يستحب.
(¬3) في (أ) : على من يقول.
(¬4) في (أ) : بالعقد الفاسد تلك فيما هو. . إلخ، ولعله خلط من الناسخ.
(¬5) في (ط) : الغرض.
(¬6) في (أ) : المنفعة: ساقطة.
(¬7) في (أ) : فإذا رد على المستأجر.
(¬8) وأيضا فإن: ساقطة من (ط) .
(¬9) في المطبوعة: في أحد منفعتيه وعوضهما.

الصفحة 47