كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (اسم الجزء: 2)

لو لم تفت لتوفرت عليه، بحيث كان يتمكن من صرف تلك المنفعة في أمر آخر، أعني من صرف القوة التي عمل بها. فيقال على هذا: فينبغي أن يقضوا بها إذا طالب بقبضها. قيل: نحن لا نأمر بدفعها ولا بردها كعقود الكفار المحرمة، فإنهم إذا أسلموا قبل (¬1) القبض لم نحكم بالقبض، ولو أسلموا بعد القبض لم نحكم بالرد، ولكن في حق (¬2) المسلم تحرم (¬3) هذه الأجرة (¬4) عليه؛ لأنه كان معتقدا لتحريمها بخلاف الكافر، وذلك لأنه إذا طلب الأجرة قلنا له: أنت فرطت، حيث صرفت قوتك في عمل محرم، فلا يقضى لك بأجرة. فإذا قبضها ثم قال الدافع: هذا المال اقضوا لي برده، فإنما (¬5) أقبضته إياه عوضا عن منفعة محرمة. قلنا له: دفعته بمعاوضة رضيت بها، فإذا طلبت استرجاع ما أخذ (¬6) فاردد إليه ما أخذت إذا كان له في بقائه معه منفعة، فهذا ومثل هذا (¬7) يتوجه فيما يقبض من ثمن الميتة والخمر، وأيضا فمشتري الخمر إذا أقبض (¬8) ثمنها وقبضها وشراها، ثم طلب أن يعاد إليه الثمن كان الأوجه أن يرد إليه الثمن ولا يباح للبائع، ولا سيما ونحن نعاقب الخمار -بياع الخمر- بأن نحرق الحانوت التي تباع فيها الخمر، نص على ذلك أحمد وغيره من العلماء؛ (¬9) فإن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
¬_________
(¬1) في المطبوعة: على القبض.
(¬2) حق: ساقطة من (أط) .
(¬3) في (أط) : تحرم عليه هذه.
(¬4) في (أ) : الإجارة.
(¬5) في (أط) : فإني.
(¬6) في (ب د) : ما أخذه.
(¬7) في (أ) والمطبوعة: فهذا ومثله.
(¬8) في (ب د) : إذا قبض.
(¬9) انظر: الآداب الشرعية لابن مفلح (1 / 221 ـ 222) .

الصفحة 48