كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (اسم الجزء: 2)

بلدح (¬1) وذلك (¬2) قبل أن ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، فقدم (¬3) إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة في لحم. فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد: إني لا (¬4) آكل مما تذبحون على أنصابكم (¬5) ولا آكل إلا مما ذكر اسم الله عليه» (¬6) . وفي رواية له: " وإن زيد بن عمرو بن نفيل كان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول: " الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض الكلأ، ثم أنتم تذبحونها على غير اسم الله؟! (¬7) إنكارا لذلك وإعظاما له.
وأيضا فإن قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3] ظاهره: أنه ما ذبح لغير الله، مثل أن يقال: هذا ذبيحة لكذا، وإذا كان هذا هو المقصود: فسواء لفظ به أو لم يلفظ. وتحريم هذا أظهر من تحريم ما ذبحه للحم، وقال فيه: باسم المسيح، ونحوه، كما أن ما ذبحناه نحن متقربين به إلى الله سبحانه كان أزكى وأعظم مما ذبحناه للحم، وقلنا عليه: باسم الله، فإن عبادة الله سبحانه بالصلاة له والنسك له أعظم من الاستعانة باسمه في فواتح الأمور، فكذلك الشرك بالصلاة لغيره والنسك لغيره أعظم (¬8) من الاستعانة
¬_________
(¬1) بلدح: واد غرب مكة. انظر: معجم البلدان (1 / 480) .
(¬2) في البخاري: وذاك.
(¬3) في المطبوعة: (فقدمت إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم) ، وهي من ألفاظ الحديث. وفي (ب) : فقدم إلى رسول الله.
(¬4) في المطبوعة: لست. وهي من ألفاظ الحديث الواردة.
(¬5) في (ب د) : على أصنامكم. والصحيح ما أثبته من بقية النسخ كما في البخاري.
(¬6) صحيح البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب ما ذبح على النصب والأصنام، الحديث رقم (5499) من فتح الباري (9 / 630) ، وكتاب مناقب الأنصار، باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل، الحديث رقم (3826) ، (7 / 142) .
(¬7) هذه من بقية الحديث السابق رقم (3826) من فتح الباري.
(¬8) في المطبوعة زاد هنا: شركًا.

الصفحة 64