منها أخذ بالأقل؛ لأنه الأصل كما في عدد الركعات.
(ثُمَّ اليُسْرى) فعَلَ فيها فعلًا (مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ) هو بحذف الباء في الرواية، وفيه حَذف تقديره: مسَح رأسه بالماء. فمسح متعد لمفعُولين: أحَدُهما: بِنَفسه، والثاني: بالباء، ولم تخير العرب بين المفعولين في هذِه الباء بل عينتها لما هُو آلة المسح، فإذا قلتَ: مسحتُ يدي بالحائط، فالرطوبة الممسوحَة على يدك والحائط هو الآلة التي أزلت بهَا عن يدك، وإذا قلتَ: مَسَحتُ الحائط بيدي. فالشيء المزالُ هو على الحائط، ويدك هي الآلة المزيلة، وكذلك: مَسَحت يدي بالمنديل، المنديل: الآلة؛ لأن (¬1) التنشف إنما وقع في المنديل لا في يَدك هذِه قاعدة عربيَّة، ولم تجز العرب في ذلك حَيث قال (¬2): مَسَحْتُ رأسي، فالشيء المزَال إنما هو عن (¬3) الرأس، وحيث قال برأسي، فالشيء المزال عن غَيرها (¬4) وقد أزيل.
(ثُمَّ غَسَلَ قَدَمَهُ اليُمْنَى ثَلاثًا) فيه دليل على ما قال أكثر أهل العلم أن الوَاجب في الرجلين غسلهما، وفعل النَّبي - صلى الله عليه وسلم - مُبين للآية.
وقال ابن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - على غسل القدمين (¬5).
(ثُمَّ) غسْل (الْيُسْرى مِثْلَ ذَلِكَ) أي: ثلاثًا (ثُمَّ قال: رأيْتُ رَسُولَ اللهِ
¬__________
(¬1) في (ص، س، ل، م): والمنديل بيدي.
(¬2) في (م): قالت.
(¬3) في (م): على.
(¬4) في (م): غيرهما.
(¬5) "المغني" 1/ 184.