دليل عليه؛ لأن الاستنثار لا يكونُ إلَّا بعد الاستنشاق. وذكر في هذِه الرواية أنهُ مضمض واستنثر ثلاثًا بخلاف رواية عُثمان المتقدمة في صفة وُضوء رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكرُ فيها ثلاثًا (¬1) ولا مرتين، فدَل ذلك على أنَّ المرة الوَاحدة تجزئ، وإنما اختلف فعلهُ في ذلك ليرى أمته التيسير فيه.
(فَمَضْمَضَ وَنَثَرَ) نثر المتَوضئ واستنثر بمعَنى (مِنَ الكَفِّ الذِي يَأْخُذُ فِيهِ) يَعني: الماء الذي اغترفه، والمراد أنه مضمض واستنشق واستنثر من غرفة واحدة، أو حفنة واحِدة فيه دلالة على استحباب الجَمع بين المضمضة والاستنشاق مِن كل غرفة، ونصَّ عليه في "الأم" (¬2) و"المختصر" (¬3) وصَحت به الأحَاديث كحديث عبد الله بن زيد في الصحيحين (¬4).
(ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا وغسل) وفي بَعضها: ثم غسل (يَدَهُ اليُمْنَى ثَلاثًا) فيه تقديم اليُمنى كما تقدم.
(ثم غَسَلَ يَدَهُ الشِّمَالَ ثَلاثًا) فيه: الترتيب في السُنن شرط كما في الفرائض.
(ثُمَّ جَعَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً) ورواهُ أبُو عبيد في كتاب الطهَارة ولفظه: ومسح برَأسه مرة بيديه جَميعًا (¬5). وهو من رواية
¬__________
(¬1) من (د، م).
(¬2) في "الأم": 1/ 77.
(¬3) "مختصر المزني" ص 4.
(¬4) "صحيح البخاري" (191)، و"صحيح مسلم" (235) (18).
(¬5) في (م): جمعًا.