كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 2)
والكاف فقدُ الوَلَدِ، فكأنهُ دَعَا عليه بالمَوت لسُوءِ فعلهِ أو قوله، ويتعدى فعله بالهَمْزة فيقال: أثكلهَا اللهُ ولدَهَا، فإن قيلَ: مَا مَعنى الدُعَاء عليه؟ فالجَوَابُ: أنه لما كانَ المَوت عَامًّا لكل أحَد فَإذا الدُعاء عليه كلا (¬1) دُعَاء أو أرادَ [إذا كنت] (¬2) هَكَذَا فالموت [خَير لك] (¬3) لئلا تزداد سُوءًا، ويجوز أن يَكونَ مِنَ الألفَاظ التي تجري على ألسنة العَرب، ولا يُرَاد بهَا الدعاء كقَولهم: تَربَتْ يَداكَ، وقَاتلك الله.
(أَبَا ذَرٍّ) أي: يا أبا ذر (لأمُّكَ الوَيْلُ) أي: الحزُن عليك.
قال الفراء: أصْل "وي" حزن، يُقَال: "وي لفلان" أي: حُزن له، فوصلته العَرب باللام وقدَّرُوهَا منهُ فأعربوها (¬4). زاد الطبرَاني في "الأوسط" في الروَاية المتقدمة قَالَ: إني جُنُب (¬5) يَعني: قالَ أبو ذر: إني جُنُب؛ وأكره أن أخَاطبك وأنا عَلى غَير طَهَارة، ويُشبهُ أنهُ لو ضَرَبَ يَدَهُ على الأرض أو الحائط لكفى كما تقدم في الحَديث.
(فَدَعَا لِي بجَارَيةٍ (¬6) سَوْدَاءَ) أن تأتى بماءٍ (فَجَاءَتْ بِعُسٍّ) بِضَم العَين وتشديد السِّين المُهمَلتَين وهو القَدَحُ الضخم.
(فِيهِ مَاءٌ فَسَتَرَتْنِي) الجَاريةُ (بِثَوْبٍ) يَعني: وهي مَاسِكة لهُ مِنْ خَلْف
¬__________
(¬1) في (م): كل.
(¬2) في (م): أكنت.
(¬3) في (س): حولك.
(¬4) "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" 2/ 298.
(¬5) "المعجم الأوسط" (1333).
(¬6) في (ص): جارية. والمثبت من (د، م).
الصفحة 621