كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 2)

ظهرها ليَكون أبْلَغَ في السَّتر (وَاسْتَتَرْتُ بِالرَّاحلَةِ) يَعني: البعير كما سَيَأتي، فيه وجوب (¬1) الاستتار عَن أعيُن الناس في الغسْل. وإن استتر بثوب أو رَاحلة أو جِدَار و (¬2) نحوه، أو سَترهُ إنسَان بثوب فلا بَأسَ به، فقد كانَ النبي -صلى الله عليه وسلم- يستتر بثوب.
(وَاغْتَسَلْتُ) يَعني: من الجنابة (فَكَأَنِّي أَلْقَيتُ عَنِّي جَبَلًا) فيه أنَّ مِنْ كمال الإيمان أن تسره الطاعةُ وتَسُوءهُ المَعْصَية ومَا في معناهَا.
(فَقَالَ: الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ) ذَهَبَ الشافعي (¬3) وأحمد وإسحاق (¬4) وأبو يُوسف (¬5) إلى أنهُ لا يجوز التيمم إلا بتراب طَاهِر ذي غبَار يعلق؛ لهذا الحَديث ولقَوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (¬6) قالَ ابن عَباس: الصَّعيد ترابُ الحَرْث (¬7)، وقال عَلي: الصَّعيْد الترابُ خَاصَّةً.
وفي كتاب الخَليل: تيمم بالصَّعيد، أي: خُذ من غباره. حَكاهُ ابن فارس (¬8)؛ وهو يقتضي التيمم بالتراب، فإنَّ الحَجر الصَّلْدَ لا غُبَار
¬__________
(¬1) في (ص): جواز. والمثبت من (د، م).
(¬2) في (د، م): أو.
(¬3) "الأم" 1/ 114 - 115.
(¬4) "مسائل أحمد وإسحاق برواية الكوسج" (85).
(¬5) "المبسوط" للسرخسي 1/ 246.
(¬6) المائدة: 6.
(¬7) "مصنف عبد الرزاق" (814)، و"مصنف ابن أبي شيبة" (1714).
(¬8) "معجم مقاييس اللغة" لابن فارس 3/ 287.

الصفحة 622