(كَانَ النَّاسُ مَجْهُودِينَ) أي: أصَابَهمُ الجَهْد وهوَ المشقة والعنَاء يَقالُ: أجهدني (¬1) الأمر إذَا بَلَغَ مني غاية المشقة.
(يَلْبَسُونَ) بفتح البَاء الموَحَّدة ثيَاب (الصُّوفَ) يَعني: كانَ أكثر لُبْسِهمُ العبَاءَ مِنَ الصُوف، وفي الحَديث: "إنما أنا (¬2) عَبد آكل بالأرض وألبس الصوف وألعَق أصَابِعي (¬3) " (¬4) وروي أنَّ (¬5) أبا مُوسَى الأشعَري قيل لهُ: إنَّ قومًا يتخلفون عن الجُمعَة بِسَبَب ثيَابهم؛ فلبسَ عبَاءةً فصَلى فيها بالناس (¬6). يَعني: ليسَاويهم في لبْسهم العَبَاء مِنَ الصُّوف.
(وَيَعْمَلُونَ عَلَى ظُهُورِهِمْ) أي: يحملُون عَلَى ظهُورهم وبأيديهم كما قَال ثابت بن أبي مالك: رَأيتُ أبَا هُريرة أقبَل منَ السُوق وهوَ يحمل حزمة حطَب وهو يَومَئذ خَليفة لمروَان، فَقَالَ: أوْسع الطريق للأمير يا ابن أبي مَالك (¬7)، وفيه أبلغ دلالَة على مَا كانَ عليه الصَّحَابة رضي الله عنهمُ مِنَ التواضع، والتخشُّن والتقلل منَ الدُنيا، وَمُعَاناة الحرَف (¬8) والصَّنَائع وحمل الأشياء (¬9) على رؤوسهم وظهورهم بالأجرة، ومُعانَاتهم الأعَمال الشَّاقة حرْصًا على تَحصيل الحَلال والاستغناء عن الناس.
¬__________
(¬1) في (ص): أجهد لي. والمثبت من (د، س، م، ل).
(¬2) ليست في (م).
(¬3) في (د، م): بياض قدر كلمتين.
(¬4) لم أقف عليه مسندًا، وذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين" 3/ 368.
(¬5) ليست في (م).
(¬6) "إحياء علوم الدين" 3/ 368.
(¬7) لم أقف عليه مسندًا، وذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين" 3/ 355.
(¬8) في (س): الحرب.
(¬9) سقط من (ص، س، ل)، والمثبت من (د، م).