كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 2)

على ما تقدم، فإذا انتفت العلة انتَفى المَعْلُول وسَقط الوجوب بسُقوط التأذي، وإذا سَقَط الوجوب بقي (¬1) الاستحباب كما في صَوم عَاشوراء وغَيره، وارتفع حُكم الوجُوبِ لارتفاع علَّتِه، لا لنَسخ الحكم.
قال القرطبي: الفرق بَينَ رفع الحكم بالنَسخ وَرفعه لارتفَاع علته أن المرفوع بالنَسخ لا يحكم به أبدًا والمرفوع لارتفاع علته يعود الحكم لعود (¬2) العلة انتهى (¬3).
وعلى هذا؛ فلو وَجدَ نظير الأذى المذكور في الحَدِيث أو أعلى منه، وحَصَل للمصلين المشقة بسببه (¬4)؛ لتعين الاغتسال وتأكد أمره، كما فعل النَّبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي هذا الحَديث دَليل لمسألة (¬5) أصُولية وهي (¬6) أنَّ الشَّرع يُراعي المصَالح، حَتى ادَّعى بَعضهم أن الشارع مَهما حَكَمَ إنما يحكم بمَصلحة (¬7)، ثم قد يجدون في كلام الشارع مَا يدل عَلى المصْلحة وقد لا يجدون فيسبرون أوصَاف المحَل الذي حكم فيه الشارع، فيَقولون ليسَ في أوصَافه مَا يصلح للاعتبار إلا هذا فتعَين (¬8) ومحَل هذا أصُول الفقه.
¬__________
(¬1) في (ص، س، ل): في. والمثبت من (د، م).
(¬2) في (ص، س، ل): بعود. والمثبت من (د، م).
(¬3) "الجامع لأحكام القرآن" 12/ 48.
(¬4) في (ص، ل): بسنته. والمثبت من (د، س، م).
(¬5) في (ص): بمسألة. والمثبت من (د، م).
(¬6) في (د): وهو.
(¬7) في (د، م): لمصلحة.
(¬8) في (م): فتعتبر.

الصفحة 693