كتاب إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (اسم الجزء: 2)

قال فى صحيحه: "يحرفون: يزيلون. وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله تعالى ولكنهم يحرفونه: يتأولونه على غير تأويله".
وهذا اختيار الرازى فى تفسيره.
وسمعت شيخنا يقول: وقع النزاع فى هذه المسألة بين بعض الفضلاء. فاختار هذا المذهب ووهن غيره، فأنكر عليه، فأحضر لهم خمسة عشر نقلا به.
ومن حجة هؤلاء: أن التوراة قد طبقت مشارق الأرض ومغاربها، وانتشرت جنوبا وشمالا. ولا يعلم عدد نسخها إلا الله تعالى. ومن الممتنع أن يقع التواطؤ على التبديل والتغيير فى جميع تلك النسخ. بحيث لا يبقى فى الأرض نسخة إلا مبدلة مغيرة. والتغيير على منهاج واحد. وهذا مما يحيله العقل، ويشهد ببطلان.
قالوا: وقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم محتجا على اليهود بها: {قُلْ فَائْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93] .
قالوا: وقد اتفقوا على ترك فريضة الرجم، ولم يمكنهم تغييرها من التوراة، ولهذا لما قرؤوها على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وضع القارئ يده على آية الرجم. فقال له عبد الله بن سلام:
"ارْفَعْ يَدَكَ عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ".
فرفعها فإذا هى تلوح تحتها. فلو كانوا قد بدلوا ألفاظ التوراة لكان هذا من أهم ما يبدلونه.
قالوا: وكذلك صفات النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ومخرجه هو فى التوراة بين جدا. ولم

الصفحة 353