كتاب الدر الفريد وبيت القصيد (اسم الجزء: 2)

كَتَبَ أمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عَلِيّ بن أَبِي طَالِبِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيْمَا كَتَبَهُ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِهَذِيْنِ البَيْتَيْنِ وَهُمَا:
أَبَى قَوْمُنَا أنْ ينْصفُوْنَا فَأَنْصَفَتْ. وَبَعْدَهُ:
أَبَا طَالِبٍ لَا تَقْبَلِ النَّصفَ مِنْهُمُ، مُتَمَثِّلًا بِهِمَا

سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنَ بن حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ: [من الطويل]
241 - أبَى لَكَ فِعْلَ الخَيْرِ رَأْيٌّ مُقَصِّرٌ ... وَنَفْسٌ أَضَاقَ اللَّهُ بِالخَيْرِ بَاعَهَا

النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيّ: [من الطويل]
242 - أبَى لَكَ قَبْرٌ لَا يَزَالُ مُوَاجِهًا ... وَضَرْبَةُ فَأْسٍ فَوْقَ رَأْسِي فَاقِرَهْ
لَمَّا قَدِمَ عَبْدُ المَلِكِ بن مَرْوَان المَدِيْنَةِ خَطَبَ فَقَالَ:
وَاللَّهِ مَا تحبُّونَنَا وَلَا نُحِبُّكُمْ أَبَدًا أَنْتُمْ أَصْحَاب عُثْمَانَ وَأَصْحَابنَا إِذْ نَفَيْتمُوْنَا عَنِ المَدِيْنَةِ وَنَحْنُ أَصْحَابُكُمْ يَوْمَ الحرَّةِ وإِنَّمَا مَثَلنَا كما قَالَ النَّابِغَةُ: أبَى لَكَ قَبْرٌ. البَيْتُ. وَحَدِيْثُ ذَلِكَ أَنَّ العَرْبَ زعمُوا أَنَّ حَيَّةً كَانَتْ فِي بَيْتِ رَجُلٍ فَقَتَلتهُ فَتَرَصَّدَ لها أَخُوْهُ لِيَقْتِلَهَا طَلَبًا لِثَأْرِهِ فقالت لَهُ الحَيَّةُ صَالِحْنِي عَلَى أَنْ أُؤَدِّي لَكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ دِيْنَارًا فَفَعَلَ فَلَمَّا كَثرَ مَالَهُ تَذَكَّرَ فَأَعَدَّ فَأْسًا وَتَرَصَّدَ لها فَرَمَاهَا فَأَشْوَاهَا وَشَجَّ رَأْسَهَا فَأَفْلتتْ فَنَدمَ الرَّجُلُ لَمَّا لَمْ يَنَل ثأْرَهُ وَفَاتَهُ مَا كَانَ يَنَالَهُ فَدَعَاهَا يَوْمًا إِلَى المُرَاجَعَةِ عَلَى أَنْ يُصالِحُهَا فَقَالَتْ لَا يَقَعُ الصِّلْحُ بَيْنَنَا مَا رَأَيْتَ قَبْرَ أَخِيْكَ وَرَأَيْتُ أَثَرَ الفَأْسِ فِي رَأْسِي. وَهَذَا مِنْ مَحَاسِنِ خُرَافَاتِ العَرَبِ. وَهُوَ مَثَلٌ يُضْرَبُ فِيْمَا يُبْعدُ الصّلْحُ فِيْهِ وَقَدْ نَظَمَهُ النَّابِغَةُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ يَقُوْلُ مِنْهَا:
وَأَنِّي لأَلْقَى مِنْ ذَوِي الضِّغْنِ مِنْهُمُ ... وَمَا أَصبَحَتْ تَشْكُو مِنَ البَثِّ سَاهِرَه
كَمَا لَقِيَتْ ذَاتُ الصَّفَا مِنْ حَلِيِفِهَا ... وَكَانَتْ تَدِيْهِ المَالَ غَبًّا وَظَاهِرَه
فَلَمَّا رَأَى أَنْ ثَمَّرَ اللَّهُ مَالَهُ ... وَأَصبَحَ مَسْرُورًا [وسدَّ مفاقرَه]
تَذَكَّرَ أَنِّى جعَلُ اللَّهُ جَنّةً ... فَيُصْبِحُ ذَا مَالٍ وَيَقتلُ وَاتِرَه
¬__________
241 - البيت في البيان والتبيين: 3/ 129.
242 - الأبيات في ديوان النابغة الذبياني 68 - 70

الصفحة 86