كتاب شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)
المفاعلة من الضرر, وأصله: تضاررون, بكسر الراء وفتحها, أي لا تضرون أحداً, ولا يضركم, بمنازعة ولا مضايقة.
وجاء – أيضا – بتخفيف الراء, من الضير, وهي لغة في الضر, أي لا يخالف بعض بعضاً, فيكذبه وينازعه, فيضيره بذلك, يقال: ضاره, يضيره.
وقيل: المعنى: لا يحجب بعضكم بعضاً عن الرؤية, فيضر به)) (¬1) .
والمقصود من هذا كله أنهم يرون ربهم, رؤية واضحة, لا يلحقها نقص وليس فيها خفاء, ولا يحتاجون معاونة عليها.
قوله: ((فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس, وصلاة قبل غروبها, فافعلوا)) تعقيب الخبر عن رؤيتهم لربهم بالفاء المقترنة بالحث على فعل الصلاة المذكورة, يدل على أن المحافظة على هاتين الصلاتين من أسباب حصول الرؤية.
وعلق ذلك بالاستطاعة؛ لأنها مناط التكليف, فالله – تعالى – لا يكلف إلا بالمستطاع, كما تدل لذلك النصوص من الكتاب والسُّنَّة.
ولهذا قال: ((فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس, وصلاة قبل غروب الشمس فافعلوا)) .
والمقصود بالصلاة قبل طلوع الشمس: صلاة الفجر, والصلاة قبل غروبها: صلاة العصر.
وقد جاءت أحاديث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالحض على زيادة الاعتناء بهاتين الصلاتين.
¬_________
(¬1) ((الفتح)) (11/446) ، وانظر: ((النووي على مسلم)) (3/18) و (5/134) و ((الفتح)) (13/427) .
الصفحة 13
726