كتاب شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

ربه؟ فشهدوا له بأنه بلغ البلاغ المبين.
وأخبر – صلوات الله وسلامه عليه – أنه ترك أمته على البيضاء, ليلها كنهارها, لا يزيغ عنها إلا هالك (¬1) .
ولا يعقل أنه يبين لأمته آداب الأكل والشرب والنوم, ودخول المنزل والخروج منه, وركوب الدابة, ولبس النعل والثوب, وقضاء الحاجة, وغير ذلك مما لو تركه المسلم لم يأثم على تركه, ثم يترك معرفة الله, وما يجب أن يعتقد ويثبت له - تعالى -, وما يجب أن ينفى عنه مجهولاً, أو ملتبساً حقه بباطله.
إن من يترك التعصب ويتخلص من التقليد الأعمى, وينظر بعقل وإنصاف, فلابد أن يقتنع بأن الذي قاله الرسول – صلى الله عليه وسلم – وبلغه هو الحق.
ثم صحابة الرسول – صلى الله عليه وسلم – الذين تلقوا العلم والإيمان منه لابد أن تكون هدايتهم أتم وأكمل ممن جاء بعدهم, لا يخالف في هذا إلا ضال أو مضلل تائه, لا يعرف الإسلام.
ولم يأت عنهم – رضوان الله عليهم – كما لم يأت عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – ما يشير, ولو إشارة, إلى أن ظاهر النصوص التي فيها أوصاف الله – تعالى – أنه لا يجوز اعتقاد ما دلت عليه ظاهراً, أو أنه ينبغي تأويلها.
قال الله -تعالى -: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دينًا} (¬2) .
وقال – تعالى -: {ِ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ
¬_________
(¬1) انظر ((سنن ابن ماجه)) (1-4) .
(¬2) الآية 3 من سورة المائدة.

الصفحة 24