كتاب شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

منهما بغير ما يعرفه من لغته.
والأحاديث الصحاح المرفوعة كلها تدل على نحو ما يدل عليه حديث عمر هذا.
وقالوا: إنما معنى السبعة الأحرف: سبعة أوجه من المعاني، المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو أقبل، وتعال، وهلم، وعليَّ. وعلى هذا الكثير من أهل العلم)) (¬1) .
وهذا هو الصحيح، والأخبار الصحيحة والآثار عن علماء الأمصار تدل على صحة هذا القول، وأنه الصواب، مثل ما رواه الإمام أحمد، وابن جرير، وابن عبد البر، عن أبي بكرة، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((قال جبريل: اقرأوا القرآن على حرف، فقال مكائيل: استزده، فقال: على حرفين، حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شاف كاف، ما لم يختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب، كقولك: هلم، وتعال)) ، وفي رواية ابن عبد البر: ((فقال مكائيل: استزده، حتى بلغ إلى سبعة أحرف، فقال: اقرأه فكل شاف كاف، إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، وعلى نحو: هلم، وتعال، وأقبل، واذهب، وأسرع، وعجل)) (¬2) .
وروى الإمام أحمد، والطبري، من حديث أبي هريرة، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، غفورا رحيما، عزيزا حكيما، عليما حكيما)) وربما قال: ((سميعا بصيرا)) (¬3) ، قال ابن عبد البر:
¬_________
(¬1) ((التمهيد)) (8/281) .
(¬2) ((المسند)) (5/51) ، والطبري (1/23) ، والتمهيد (8/290) .
(¬3) ((المسند)) (2/332) ، و ((تفسير الطبري)) (1/22) .

الصفحة 616