كتاب شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)
كقوله – تعالى -: {َفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} (¬1) .
أو عنى به: نظرَ التعطف والرحمة, كقوله – تعالى -: {وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ} (¬2) .
أو عنى به: الانتظار, كقوله – تعالى -: {مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً} (¬3)
أو عنى به: الرؤية, كقوله – تعالى -: {يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} (¬4) .
ولا يجوز أن يكون عنى بقوله: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} نظر التفكر والاعتبار؛ لأن الآخرة ليست بدار استدلال واعتبار, وإنما هي دار اضطرار.
ولا يجوز أن يكون عنى نظر الانتظار؛ لأن ليس في شيء من أمر الجنة انتظار؛ لأن الانتظار معه تنغيص وتكدير, والآية خرجت مخرج البشارة, وأهل الجنة فيما لا عين رأت ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر, من العيش, فهم مُمَكَّنون مما أرادوا, وإذا خطر ببالهم شيء, أُتوا به مع خطوره, فلم يجز أن يكون الله أراد بقوله: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} نظر الانتظار.
ولأن النظر إذا ذكر مع ذكر الوجه فمعناه: نظر العينين اللتين في الوجه, كما قال – تعالى -: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء} (¬5) , أراد بذلك تقلب عينيه نحو السماء, ولأنه قال: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} .
¬_________
(¬1) الآية 17 من سورة الغاشية.
(¬2) الآية 77 من سورة آل عمران. وفي أن المقصود بالآية: العطف والرحمة، نظر.
(¬3) الآية 17 من سورة يس.
(¬4) الآية 20من سورة محمد.
(¬5) الآية 144 من سورة البقرة.
الصفحة 9
726