كتاب الجامع الكامل في الحديث الصحيح الشامل المرتب على أبواب الفقه (اسم الجزء: 2)

العوام عنه هل كانت قبل الاختلاط أو بعده، فإن كانت روايته عنه قبل التّغير فالحديث صحيح كما قال الحاكم والذهبي.
وقال العلائيّ في "بغية الملتمس" (ص ٢٨): "إسناده لا بأس به".
ولكن قال مُهَنّا -كما في المنتخب من العلل للخلال (٦٦) -: "سألت أحمد عن حديث حدثنا سعيد بن سليمان، ثنا عباد بن العوام، عن سعيد الجريريّ، عن أبي نضرة، فذكر الحديث. فقال أحمد: ما خلق اللَّه من ذا شيئا، هذا حديث أبي هارون عن أبي سعيد" انتهى.
قلت: حديث أبي هارون العبديّ، عن أبي سعيد روي بألفاظ متقاربة، منها ما أورده ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" عن أبي هارون، وشهر بن حوشب أنهما قالا: "كنّا إذا أتينا أبا سعيد الخدريّ يقول: مرحبًا بوصية رسول اللَّه، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ستفتح لكم الأرض، ويأتيكم قوم، أو يقال: غلمان حديثة أسنانهم يطلبون العلم، ويتفقهون في الدّين، ويتعلمون منكم، فإذا جاءوكم فعلّموهم، وألطفوهم، ووسّعوا لهم في المجلس، وفهِّموهم الحديث".
فكان أبو سعيد يقول لنا: مرحبًا بوصية رسول اللَّه، أمرنا رسول اللَّه أن نوسِّع لكم في المجلس، وأن نفهمكم الحديث".
أخرجه الترمذيّ (٢٦٥٠)، وابن ماجه (٢٤٧) وغيرهما من طرق عن أبي هارون، به.
وأبو هارون اسمه: عِمارة بن جوين العيري، متروك عند أكثرهم. وكذّبه بعضهم، لكن رواه أيضًا الخطيب في "الجامع لأخلاق الرّاوي والسامع" (٣٥٧) من طريق ليث بن أبي سليم، عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد.
قلت: وهذا أيضًا إسناد ضعيف، إِلَّا أنّه أحسن حالا من إسناد أبي هارون.
قيل ليحيى بن معين: هذا أيضًا ضعيف مثل أبي هارون؟ قال: لا، هذا أقوى من ذلك وأحسن، حدّثنا ابن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب، عن ليث. المنتخب من العلل للخلال (٦٥).
وقال البيهقيّ في "المدخل" بعد أن رواه من طريقه: "هكذا رواه جماعة من الأئمة عن أبي هارون العبديّ، وأبو هارون وإن كان ضعيفًا فرواية أبي نضرة له شاهدة".
والخلاصة: إن لحديث أبي سعيد هذا ثلاثة طرق، طريق أبي نضرة، وطريق أبي هارون العبديّ، وطريق شهر بن حوشب، كلّهم عن أبي سعيد الخدريّ، فما كان هذا سبيله فهو لا ينزل عن درجة الحسن عند جمهور علماء الحديث، وباللَّه التوفيق.

• عن أبي موسى، أنّ النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بعثه ومُعاذًا إلى اليمن، فقال: "يسّرا ولا تُعسِّرا، بشِّرا ولا تُنفِّرا، وتطاوعا ولا تختلفا".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجهاد والسير (٣٠٣٨)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٣٣) كلاهما من حديث وكيع، عن شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جدّه أبي موسى

الصفحة 16