كتاب الجامع الكامل في الحديث الصحيح الشامل المرتب على أبواب الفقه (اسم الجزء: 2)

رسول اللَّه! إنّي جئتُ أطلبُ العلمَ. . . قال: "مرحبًا بطالب العلم، إنّ طالب العلم لتحفّ به الملائكة، وتظله بأجنحتها فيركب بعضها بعضًا، حتّى تعلو إلى السّماء الدُّنيا من حبّهم ما يطلب. فما جئت تطلب؟ ". قال: يا رسول اللَّه! لا أزال أسافر بين مكة والمدينة، فافتني عن المسح على الخفين. . . ". فذكر الحديث.
ورواه الطبرانيّ (٧٣٤٧) من طريق شيان بن فرّوخ، عن الصّعق بن حزن، به، إِلَّا أنه أدخل عبد اللَّه بن مسعود بين صفوان بن عسّال وبين زر.
والظّاهر أنّ هذا وهم من شيبان؛ فإنّه صدوق يهم.
قال ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١/ ١٥٩): "حديث صفوان بن عسّال هذا وقفه قومٌ عن عاصم، ورفعه عنه آخرون، وهو حديث صحيح، حسن، ثابت، محفوظ، مرفوع، ومثله لا يقال بالرّأي. . . ". ثم سرد بعض الطّرق الصّحيحة التي ورد بها الحديث موقوفًا على صفوان بن عسّال.
وقوله: "أُنبط العلم" من أنبط الشيءَ واستنبطه أي: استخرجه. والمراد: أي أطلب العلم. وفي بعض روايات الحديث: "فقلت: ابتغاء العلم".

• عن أبي هريرة، عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما مِنْ خارج يخرجُ -يعني من بيته- إِلَّا ببابه رايتان: راية بيد ملك، وراية بيد شيطان، فإنْ خرج لما يحبُّ اللَّه عزّ وجلّ، اتَّبعه الملك برايته، فلم يزلْ تحت راية الملك حتّى يرجع إلى بيته، وإنْ خرج لما يسخط اللَّه، اتّبعه الشّيطان برايته، فلم يزل تحت راية الشّيطان حتّى يرجع إلى بيته".
حسن: رواه الإمام أحمد (٨٢٨٦)، والطَّبرانيّ (مجمع البحرين - ١٨٤) من طريق أبي عامر العقديّ، ثنا عبد اللَّه بن جعفر، عن عثمان بن محمد، عن المقبريّ، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن؛ من أجل عثمان بن محمد، وعبد اللَّه بن جعفر، فالأوّل صدوق، والآخر لا بأس به، وحديثهما حسن، وبقية رجاله ثقات.

• عن كثير بن قيس، قال: كنتُ جالسًا مع أبي الدّرداء في مسجد دمشق، فأتاه رجلٌ فقال: يا أبا الدّرداء! إنّي أتيتُك من مدينة الرّسول في حديثٍ بلغني أنَّك تحدِّثُه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال أبو الدّرداء: أما جئتَ لحاجة، أما جئتَ لتجارة، أما جئتَ إِلَّا لهذا الحديث؟ قال: نعم. قال: فإنِّي سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "مَنْ سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا، سلك اللَّه به طريقًا من طرق الجنّة، والملائكةُ تضعُ أجنحتهَا رضًا لطالب العلم، وإنَّ العالم يستغفرُ له مَنْ في السموات ومن في الأرض، والحيتانُ في الماء، وفضلُ العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا،

الصفحة 8