كتاب الكامل في اللغة والأدب (اسم الجزء: 2)

قوله: "تيامنوا عن كشكشة تميم"، فإن بني عمرو بن تميم إذا ذكرت كاف المؤنث فوقفت عليها أبدلت منها شيئاً، لقرب الشين من الكاف في المخرج، وأنها مهموسة مثلها، فأرادوا البيان في الموقف، لأن في الشين تفشياً، فيقولون للمرأة: جعل الله لك البركة في دارش، ويحك مالش، والتي يدرجونها يدعونها كافاً، والتي يقفون عليها يبدلونها شيناً.
وأما بكر فتخلف في الكسكسة، فقوم منهم يبدلون حركة كاف المؤنث في الوقف بالسين، فيزيدونها بعدها، فيقولون: أعطيتكس.
أما الغمغمة فما ذكرت لك.
وقال الهارب1 لامرأته يوم الخندقة، وذاك أنها نظرت إليه يحد حربة في يوم فتح مكة، فقالت: ما تصنع بهذه? قال: أعددتها لمحمد وأصحابه؛ فقالت: والله إن أراه يقوم لمحمد وأصحابه شيء، فقال لها: إني لأرجو أن أخدمك بعضهم؛ وأنشأ يقول:
إن تقبلوا فما بي علة ... هذا سلاح كامل وأله
وذو غرارين سريع السلة
الألة: الحربة، والغرار ههنا: الحد، يعني "بذي غرارين" السيف.
فلما لقيهم خالد يوم الخندقة انهزم الرجل، فلامته امرأته، فقال:
إنك لو شهدت يوم الخندقة ... إذ فر صفوان وفر عكرمه
ولحقتنا بالسيوف المسلمه ... يفلقن كل ساعد وجمجمه
ضرباً ولا تسمع إلا غمغمه ... لهم نهيت2 حولنا وجمجمه
لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه
__________
1 زيادات ر: "الهارب هو أبو عثمان الهذلي"، ويقال له الرعاش، ويقال إن الرجز المذكور بعد هذا لحماس ابن قيس أخي بنى بكر بن عبد مناة، أنشدة له أبو إسحاق، والخندمة: جبل دخل منه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة يوم الفتح، وقيل: الخندمة مشى فيه إسراع، فأضيف إلى اليوم لما كثر فيه.
2 النهيت: صوت الأسد دون زئيره.

الصفحة 166