كتاب الكامل في اللغة والأدب (اسم الجزء: 2)

واليقطين: ما انتشر على وجه الأرض. قال الله عز وجل: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} 1، وقال الحارث بن ظالمٍ، للأسودِ بن المنذر بنماء السماء:
أخصيي حمارٍ بات يكدم نجمةً ... أيؤكل جيراني وجارُكَ سالمُ!
ومن طريف شعره قوله:
فلما فقدتُ الصوتَ منهم وأطفئت ... مصابيحُ شبت بالعشاءِ وأنؤرُ
وغاب قمير كنت أرجو غيوبه ... وروح رعيانٌ ونومَ سمرُ
ونفضت عني العين أقبلت مشية الـ ... ـحباب وركبي خيفة القوم أزورُ
فحييتُ إذ فاجأتها فتولهت ... وكادت بمكنون التحيةِ تجهرُ
وقالت وعضت بالبنانِ: فضحتني ... وأنت امرؤ ميسور أمرك أعسرُ
أريتك إذ هنا عليك ألم تخف ... رقيباً وحولي من عدوكَ حضرُ
واللهِ ما أدري أتعجيلُ حاجةٍ ... سرت بك أم قد نامَ من كنت تحذرُ
فقلت لها: بل قادني الشوق والهوى ... إليك وما عينٌ من الناس تنظرُ
فيا لك من ليلٍ تقاصرَ طولهُ ... وما كان ليلي قبلَ ذلك يقصرُ
ويا لك من ملهى هناك ومجلسٍ ... لنا لم يكدره علينا مكدرُ
يمج ذكيَّ المسكِ منها مفلجٌ ... رقيقُ الحواشي ذو غروبٍ مؤشرُ
يرفُّ إذا يفترُّ عنه كأنهُ ... حسى بردٍ أو أقحوانٌ مغورُ
وترنو بعينيها إلي كما رنا ... إلى ربابٍ وسط الخميلةِ جؤذرُ
فلما تقضي الليلُ إلا أقلهُ ... وكادت توالي نجمه تتغورُ
أشارت بأن الحيَّ قد حان منهمُ ... هبوبٌ ولكن موعدٌ لك عزورُ
فما راعني إلا منادٍ برحلةٍ ... وقد لاح مفتوقٌ من الصبح أشقرُ
فلما رأت من قدر تثورَ منهمُ ... وأيقاظهم قالت أشرْ كيف تأمرُ
فقلت: أباديهم فإما أفوتهم ... وإما ينالُ السيفُ ثأراً فيثأرُ
فقالت: أتحقيقاً لِما قال كاشحٌ ... علينا، وتصديقاً لما كان يؤثر!
فإن كان ما لا بد منه فغيره ... من الأمر أدنى للخفاءِ واسترُ
أقص على أختي بدء حديثنا ... ومالى من أن تعلما متأخر
__________
1 سورة الرحمن 6.

الصفحة 183