كتاب الكامل في اللغة والأدب (اسم الجزء: 2)

باب
عمر الوادي والعبد الأسود
قال أبو العباس: وحدثتُ أن عمر الوادي قال: أقبلتُ من مكة أريدُ المدينةَ، فجلعتُ أسيرُ في صمدٍ1 من الأرض، فسمعت غناءً من القرار2 لم أسمع مثله، فقلت: والله لأتوصلن إليه ولو بذهاب نفسي، فانحدرتُ إليه، فإذا عبدٌ أسود، فقلت له: أعد علي ما سمعت، فقال لي: والله لو كان عندي قرى أقريك ما فعلتُ، ولكني أجعله قراكَ، فإني [والله3] ربما غنيت هذا الصوت وأنا جائع فأشبع، وربما غنيته وأنا كسلان فأنشط، وربما غنيته وأنا عطشان فأروى، ثم انبرى يغنيني4:
وكنت إذا ما زرت سعدى بأرضها ... رى الأرض تطوى لي ويدنو بعيدها
من الخفراتِ البيضِ ود جليسها ... إذا ما انقضت أحدوثة لو تعيدها5
وبعده:
وتحلل أحقادي إذا ما لقيتها ... وتبقى بلا ذنبٍ علي حقودها
وكيف يحب القلب من لايحبه ... بلى قد تريد النفس من لا يريدها6
قال عمر: فحفظته عنه، ثم تغنيت به على الحالات التي وصف، فإذا هو كما ذكر.
__________
1 الصمد: المكان المرتفع من الجبال، وفي ر: "صرد".
2 القرار: المطمئن من الأرض.
3 تكمله من س.
4 س: "يغنى".
5 ر: "إذا ما قضت أحدوثة".
6 مابين العلامتين من زيادات ر.
خالد صامة والوليد بن يزيد
وتحدث الزبيريون عن خالد صامة أنه كان من أحسن الناس ضرباً بعودٍ1، قال: فقدمت على الوليد بن يزيد، وهو في مجلس ناهيك به مجلساً! فألفيته على سريره، وبين يديه معبدٌ، ومالكُ بن أبي السمح، وابن عائشة، وأبو كمال غزيل الدمشقي، فجعلوا يغنون، حتى بلغت النوبة لي فغنيته:
__________
1 كذا في الأصل، ر، وفي س: "بالعود".

الصفحة 187