كتاب الكامل في اللغة والأدب (اسم الجزء: 2)

الطعام، فلما طال ذلك به قال: جعلني الله فداكِ! لا أسمع للغداء1، ذكراً. قالت: أما تستحيي! أم في وجهي ما يشغلك عن ذا? فقال لها: جعلني الله فداكِ! لو أن جميلاً وبثينة قعدا ساعةً لا يأكلان شيئاً لبزقَ كل واحدٍ منهما في وجهِ صاحبهِ وافترقا.
وأنشدت لأعرابيٍّ:
وقد رابني من زهدمٍ أن زهدماً ... يشد على خبزي ويبكي على جملِ
فلو كنت عذري العلاقةِ لم تكن ... سميناً وأنساك الهوى كثرةَ الأكلِ
وقال أعرابي:
ذكرتك ذكرةً فاصطدت ضبا ... وكنت إذا ذكرتكِ لا أخيبُ
__________
1 كذا في الأصل، س، وفي ر: "للغداء".
لذي الرمة في ميّ
وقال ذو الرمة:
ألم تعلمي يا ميَّ أنَّا وبيننا ... مهاوًً لطرف العين فيهنَّ مطرح
ذكرتك إن مرّت بنا أمُّ شادنٍ ... أمام المطايا تشرئبُّ وتسنح
من المؤلفات الرمل أدماء حرَّةٌ ... شعاع الضُّحى في لونها يتوضَّح
هي الشِّبه أعطافاً وجيداً ومقلةً ... وميَّة أبهى بعد منها وأملح
كأنَّ البرى والعاج عيجت متونه ... على عشرٍ نهيٍ به السَّيل أبطح
بئن كانت الدُّنيا عليَّ كما أرى ... تباريح من ذكراك للموت أروح
قوله: "مهاوٍ"، واحدتها مهواةٌ، وهو الهواء بين الشيئين.
ويقال: لفلان في داره مطرحٌ إذا وصفها بالسَّعة، يقال: فلان يطرح بصره كذا مرَّرةً وكذا مرةً، وأنشد سيبويه:
نظّارة حين تعلو الشمس راكبها ... طرحاً بعيني لياحٍ فيه تحديد
اللياح من البياض، واللَّوح: العطش، واللُّوح: الهواء.
والشَّادن: الذي قد شدن، أي تحرَّك.

الصفحة 224