كتاب الكامل في اللغة والأدب (اسم الجزء: 2)

يريدون الكروان.
وقوله:
من آل أبي موسى ترى القوم حوله
فقال: ترى، ولم يقل ترين، وكانت المخاطبة أولاً لامرأة، ألا تراه يقول:
ومما كنت مذ أبصرتني في خصومةٍ ... أراجع فيهالا يا ابنة الخير قاضياً
ثم حوّل المخاطبة إلى رجل، والعرب تفعل ذلك، قال الله عز وجل: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} 1، فكأن التقدير والله اعلم كان للناس، ثم حولت المخاطبة إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال عنترة بن شدّاد:
شطّت مزار العاشقين فأصبحت ... عسراً عليّ طلابك ابنة مخرم
وقال جرير:
ما للمنازل لا تجيب حزننا ... أصممن قدم المدى قبلينا
وترى العواذل يبتدرن ملامتي ... وإذا اردن هواك عصينا
قال أولاً لرجل، ثم قال: سوى هوالك. وقال آخر:
فدى لك والدي وسراة قومي ... ومالي إنه منه أتاني
على تحويل المخاطبة.
وقوله: "مرمّين"، يريد سكوتاً مطرقين، بقال: أرم إذا أطرق ساكتاً.
وقوله: "تفادى أسود الغاب" معناه تفتدي منه بعضها ببعض. الخبر أن سليمان بن عبد الملك أمر بدفع عيال الحجاج ولحمته إلى يزيد بن المهلب فتفادى منهم، تأويله: فدى نفسه من ذلك المقام بغيره. وقوله:
وما الخرق منه يرهبون ولا الخنى ... عليهم ولكن هيبة هي ماهيا
إذا رفعت "هيبة" فالمعنى: ولكن أمره هيبةٌ، كما قال الله عز وجل: {لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ} 2، أي ذلك بلاغ، ومثله قوله عزّ وجل:
__________
1 سورة يونس 22.
2 سورة الأحقاف 35.

الصفحة 44