كتاب الكامل في اللغة والأدب (اسم الجزء: 2)

محمد بن عبد الله النميري والحجاج
وممن هرب من الحجاج محمد بن عبد الله بن نميرٍ الثّقفيّ، وكان يشبّب بزينب بنت يوسف، أخت الحجاج، وهو القائل فيها:
تضوّع مسكا بطن نعمان أن مشت ... به زينب في نسوةٍ عطرات
يخبّئن أطراف البنان من التقى ... ويخرجن شطرا الليل معتجرات
في كلمة له، فلما أتي به الحجاج قال:
هاك يدي ضاقت بي الأرض رحبها ... وإن كنت قد طوفت كلّ مكان
فلو كنت بالعنقاء أو بأسومها1 ... لخلتك إلا ان تصد تراني
[من رفع "رحبها" فعلى البدل، ومن نصب فعلى الظرف، قاله ش. و"أسومها" بفتح الهمزة وبالضم، والفتح أحسن، ش] .
ثم قال: والله أيها الأمير، إن قلت إلا خيراً، وإنما قلت:
يخبّئن أطراف البنان من التّقى ... ويخرجن شطر الليل معتجرات
فعفا عنه، ثم قال له: أخبرني عن قولك:
ولمّا رأت ركب النّمريّ أعرضت ... وكنّ من أن يلقينه حذرات
ما كنتم? قال: كنت على حمار هزيل، ومعي صاحبّ لي على أتانٍ مثله.
__________
1 أسوم: اسم جبل.
مالك بن الريب والحجاج
وممّن هرب منه مالك بن الرّيب المازنيّ، أحد بني مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، وفي ذلك يقول:
إن تنصفونا يال مروان نقترب ... إليكم وإلاّ فأذنوا ببعاد
فإنّ لنا عنكم مزاحاً ومزحلا ... بعيسٍ إلى ريح الفلاة صواد1
ففي الأرض عن دار المذلّة مذهب ... وكلّ بلادٍ أوطنت كبلادي
__________
1 مزاحا، مصدر ميمى من زاح إذا بعد. ومزحلا، مصدر ميمى من زاحل، إذا تنحى وتباعد. العيس: الإبل البيض، والصوادى: العطاش.

الصفحة 78