كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 2)

[صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ الْإِنْجِيلِ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ- فيما بلغنى عما كان وضع عيسى بن مَرْيَمَ فِيمَا جَاءَهُ مِنْ اللهِ فِي الْإِنْجِيلِ لِأَهْلِ الْإِنْجِيلِ- مِنْ صِفَةِ رَسُولِ اللهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّمَ، مِمّا أَثَبَتَ يُحَنّسُ الْحَوَارِيّ لَهُمْ، حِينَ نَسَخَ لَهُمْ الْإِنْجِيلَ عَنْ عَهْدِ عيسى بن مريم عليه السلام فِي رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْهِمْ أَنّهُ قَالَ: مَنْ أَبْغَضَنِي فَقَدْ أَبْغَضَ الرّبّ، وَلَوْلَا أَنّي صَنَعْت بِحَضْرَتِهِمْ صَنَائِعَ لَمْ يَصْنَعْهَا أَحَدٌ قَبْلِي، مَا كَانَتْ لَهُمْ خَطِيئَةٌ، وَلَكِنْ مِنْ الْآنَ بَطِرُوا وَظَنّوا أَنّهُمْ يَعِزّونَنِي، وَأَيْضًا لِلرّبّ، وَلَكِنْ لَا بُدّ مِنْ أَنْ تَتِمّ الْكَلِمَةُ الّتِي فِي النّامُوسِ: أَنّهُمْ أَبْغَضُونِي مجّانا، أى: باطلا. فلو قدجاء الْمُنْحَمَنّا هَذَا الّذِي يُرْسِلُهُ اللهُ إلَيْكُمْ مِنْ عند الربّ، وروح الْقُدُسِ هَذَا الّذِي مِنْ عِنْدَ الرّبّ خَرَجَ، فَهُوَ شَهِيدٌ عَلَيّ وَأَنْتُمْ أَيْضًا؛ لِأَنّكُمْ قَدِيمًا كُنْتُمْ مَعِي فِي هَذَا، قُلْتُ لَكُمْ:
لِكَيْمَا لَا تَشْكُوَا.
وَالْمُنْحَمَنّا بِالسّرْيَانِيّةِ: مُحَمّدٌ: وَهُوَ بِالرّومِيّةِ: البر قليطس، صلى الله عليه وآله وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَيْ: نَظَمَهُمْ نَظْمًا مُسْتَطِيلًا، وَوَضَعَ مِيلًا مَوْضِعَ مُسْتَطِيلًا، فَإِعْرَابُهُ كَإِعْرَابِهِ، فَهُوَ وَصْفٌ لِلْمَصْدَرِ، وَإِذَا أُقِيمَ الْوَصْفُ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ يَكُنْ حَالًا مِنْ الْفَاعِلِ، لَكِنْ مِنْ المصدر الذى بدل الْفِعْلُ عَلَيْهِ بِلَفْظِهِ نَحْوَ: سَارُوا طَوِيلًا، وَسَقَيْتهَا أَحْسَنَ مِنْ سَقْيِ إبِلِك، وَنَحْوَ ذَلِكَ.

الصفحة 375