كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَلَى الْمُبْتَدَأِ، وَلَهُ نَظِيرٌ فِي التّنْزِيلِ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ) الْبَقَرَةُ: 234 خَبَرُهُ: يتربّصن بأنفسهن، وَلَمْ يَعُدْ عَلَى الْمُبْتَدَإِ شَيْءٌ، لِتَشَبّثِ الْكَلَامِ بَعْضُهُ بِبَعْضِ، وَقَدْ لَاحَ لِي بَعْدَ نَظَرِي الْكِتَابَ أَنّ الّذِي قَالَهُ الْخَلِيلُ وَقَوْلَ سِيبَوَيْهِ قَوْلٌ وَاحِدٌ، غَيْرَ أَنّهُ قَالَ: وَدُخُولُ اللّامِ عَلَى مَا، كَدُخُولِهَا عَلَى إنّ، يَعْنِي: فِي الْجَزَاءِ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُعْمِلَ مَا جَزَاءً، وَإِنّمَا تَكَلّمَ عَلَى اللّامِ خَاصّةً وَاَللهُ أَعْلَمُ.
النبوءة وأولو العزم:
وذكر قول ابن إسحق: وَالنّبُوءَةُ أَثْقَالٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَحْمِلُهَا وَلَا يَسْتَطِيعُهَا إلّا أَهْلُ الْقُوّةِ وَالْعَزْمِ مِنْ الرّسُلِ، وَوَقَعَ فى رواية يونس عن ابن إسحق فى هذا الموضع عن ربيعة ابن أَبِي عَبْدِ الرّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْت وَهْبَ بْنَ مُنَبّهٍ وَهُوَ فِي مَسْجِدِ مِنًى- وَذَكَرَ لَهُ يُونُسَ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ عَبْدًا صَالِحًا، وَكَانَ فِي خُلُقِهِ ضِيقٌ، فَلَمّا حُمّلَتْ عَلَيْهِ أَثْقَالُ النّبُوءَةِ، وَلَهَا أَثْقَالٌ تَفَسّخَ تَحْتَهَا تَفَسّخَ الرّبُعِ تَحْتَ الْحِمْلِ الثّقِيلِ «1» ، فَأَلْقَاهَا عَنْهُ وَخَرَجَ هَارِبًا، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ ابن إسحق: إنّ أُولِي الْعَزْمِ مِنْ الرّسُلِ مِنْهُمْ: نُوحٌ وَهُودٌ وَإِبْرَاهِيمُ أَمّا نُوحٌ فَلِقَوْلِهِ: (يَا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ) يُونُسُ: 71 وَأَمّا هُودٌ فَلِقَوْلِهِ: (إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) هُودٌ: 54 وَأَمّا إبْرَاهِيمُ، فَلِقَوْلِهِ هُوَ وَاَلّذِينَ مَعَهُ: (إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ
__________
(1) الرّبع بضم الراء وفتح الباء: الفصيل، ينتج فى الربيع، وهو أول النتاج والمقصود: ضعف وعجز.

الصفحة 387