كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلّا ثَلَاثًا كَمَا غَطّ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلَامُ مُحَمّدًا- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثًا، وَعَلَى رواية ابن إسحق أَنّ ذَلِكَ فِي نَوْمِهِ كَانَ «1» ، يَكُونُ فِي تِلْكَ الْغَطّاتِ الثّلَاثِ مِنْ التّأْوِيلِ ثَلَاثُ شَدَائِدَ، يُبْتَلَى بِهَا أَوّلًا، ثُمّ يَأْتِي الْفَرَجُ وَالرّوحُ، وَكَذَلِك كَانَ لَقِيَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، شِدّةً مِنْ الْجُوعِ فِي شِعْبِ الْخَيْفِ، حِينَ تَعَاقَدَتْ قُرَيْشٌ ألّا يبيعوا منهم، ولا يتركوا مبرة تصل إليهم، وشدة أخرى من الخوف والإبعاد بِالْقَتْلِ، وَشِدّةٌ أُخْرَى مِنْ الْإِجْلَاءِ عَنْ أَحَبّ الْأَوْطَانِ إلَيْهِ، ثُمّ كَانَتْ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ، وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ.
مَا أَنَا بِقَارِئِ:
وَقَوْلُهُ فى حديث ابن إسحق: اقْرَأْ، قَالَ: مَا أَقْرَأُ، يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَا اسْتِفْهَامًا، يُرِيدُ: أَيّ شَيْءٍ أَقْرَأُ؟ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ نَفْيًا، وَرِوَايَةُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِمٍ تَدُلّ عَلَى أَنّهُ أَرَادَ النّفْيَ، أَيْ: مَا أُحْسِنُ أَنْ أَقْرَأَ، كَمَا تَقَدّمَ مِنْ قَوْلِهِ:
مَا أنا بقارىء «2»
__________
(1) رواية المنام من مراسيل عبيد بن عمير، وهى مخالفة لرواية الصحيحين المسندة المرفوعة، والجمع بين الروايتين بأن هذا كان مرتين: الأولى فى المنام والأخرى فى اليقظة تأويل فاسد، فلو أن هذا حدث، ما حدث له كل ذلك الذى أصابه من شدة الوحى فى المرة الأخرى.
(2) فإن قيل: لم كرر ثلاثا؟ أجاب أبو شامة: بأن يحمل قوله أولا: ما أنا بقارىء على الامتناع، وثانيا: على الإخبار بالنفى المحض، وثالثا: على الاستفهام، ويؤيده أن فى رواية أبى الأسود فى مغازيه عن عروة أنه قال: كيف أقرأ؟ وفى رواية ابن عمير عن ابن إسحاق: ماذا أقرأ؟، وفى مرسل الزهرى فى دلائل البيهقى: كيف أقرأ. وكل ذلك يؤيد أنها استفهامية.

الصفحة 401