كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عِيسَى إلَى ذِكْرِ مُوسَى لِعِلْمِهِ، أَوْ لِاعْتِقَادِهِ أَنّ جِبْرِيلَ كَانَ يَنْزِلُ عَلَى مُوسَى، لَكِنْ وَرَقَةُ قَدْ ثَبَتَ إيمَانُهُ بِمُحَمّدِ عَلَيْهِ السّلَامُ «1» وَقَدْ قَدّمْنَا حَدِيثَ التّرْمِذِيّ أَنّ رَسُولَ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَآهُ فِي الْمَنَامِ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ.
حَوْلَ هَاءِ السّكْتِ وَالْفِعْلِ تُدْرِكُ:
وَقَوْلُ وَرَقَةَ: لَتُكَذّبَنّهْ، وَلَتُؤْذَيَنّهْ، وَلَا يُنْطَقُ بِهَذِهِ الْهَاءِ إلّا سَاكِنَةً لِأَنّهَا هَاءُ السّكْتِ، وَلَيْسَتْ بِهَاءِ إضْمَارٍ. وَقَوْلُهُ: إنْ أُدْرِكْ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَنْصُرْك نَصْرًا مُؤَزّرًا، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: إنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُك وَهُوَ الْقِيَاسُ، لِأَنّ وَرَقَةَ سَابِقٌ بِالْوُجُودِ، وَالسّابِقُ هُوَ الّذِي يُدْرِكُهُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: أَشْقَى النّاسِ مَنْ أَدْرَكَتْهُ السّاعَةُ وَهُوَ حَيّ، وَرِوَايَةُ ابْنِ إسْحَاقَ أَيْضًا لَهَا وجه، لأن المعنى: أنرى ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَسَمّى رُؤْيَتَهُ إدْرَاكًا، وَفِي التّنْزِيلِ:
__________
(1) غير صواب قوله هذا، فإن الجن الذين سمعوا القرآن قالوا: (سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى) ، وخير أن نقول: إنه قال ذلك- كما ذكر الشيخ رشيد رضا رحمه الله فى الوحى المحمدى- لأن الشبه بين الوحى إلى موسى ومحمد عليهما السلام أتم؛ لأن كلامنهما أوتى شريعة تامة مستقلة فى عباداتها ومعاملاتها وسياستها وقوتها العسكرية، وعيسى عليه السلام كان تابعا لشريعة التوراة، وناسخا لبعض الأحكام التى يقتضيها الإصلاح، ومبشرا بالنبى الذى يأتى بعده بالشرع الكامل العام الدائم. ولهذا يرد ابن حجر فى فتح البارى بقوله: «أما ما تمحل له السهيلى من أن ورقة كان على اعتقاد النصارى فى عدم نبوة عيسى ودعواهم أنه أحد الأقانيم، فهو محال لا يعرج عليه فى حق ورقة وأشباهه ممن لم يدخل فى التبديل ولم يأخذ عمن بدل» ص 29 ج 1 ط الحلبى وص 214 ج 1 شرح المواهب.

الصفحة 405