كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مَسْجِدًا بَنَى اللهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنّةِ «1» لَمْ يَرِدْ مِثْلُهُ فِي كَوْنِهِ مَسْجِدًا، وَلَا فِي صِفّتِهِ وَلَكِنْ قَابِلٌ الْبُنْيَانِ بِالْبُنْيَانِ، أَيْ كما بنى يا بنى لَهُ، كَمَا قَابِلُ الْكِسْوَةِ بِالْكِسْوَةِ وَالسّقْيَا، بِالسّقْيَا، فَهَاهُنَا وَقَعَتْ الْمُمَاثَلَةُ، لَا فِي ذَاتِ الْمَبْنِيّ أو المكسوّ، وإذا ثبت هذا، فمن ههنا اقْتَضَتْ الْفَصَاحَةُ أَنْ يُعَبّرَ لَهَا عَمّا بُشّرَتْ بِهِ بِلَفْظِ الْبَيْتِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا لَا عَيْنَ رَأَتْهُ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْهُ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، وَمِنْ تَسْمِيَةِ الْجَزَاءِ عَلَى الْفِعْلِ بِالْفِعْلِ فِي عَكْسِ مَا ذَكَرْنَاهُ قوله تعالى: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ) «2» .
__________
- الجنة، وأيما مسلم أطعم مسلما على جوع أطعمه الله تعالى يوم القيامة من ثمار الجنة، وأيما مسلم سقى مسلما على ظمأ سقاه الله تعالى يوم القيامة من الرحيق المختوم» ويقول المنذرى عنه: رواه أبو داود من رواية أبى خالد بن يزيد بن عبد الرحمن الدلانى، وحديثه حسن، والترمذى: بتقديم وتأخير، وقال: حديث غريب، وقد روى موقوفا على أبى سعيد، وهو أصح وأشبه، ورواه ابن أبى الدنيا فى كتاب اصطناع المعروف موقوفا على ابن مسعود.
(1) البخارى ومسلم وأحمد والترمذى وابن ماجة عن عثمان، وفيه: «يبتغى به وجه الله» .
(2) يقول الذين يؤولون الصفات التى ورد بها القرآن عن الايات التى جاء فيها نسبة الكيد والاستهزاء والنسيان إلى الله ما يأتى: «هذا كله إنما يحسن على وجه المقابلة، ويحسن أن يضاف إلى الله تعالى ابتداء، فيقال: إنه يمكر ويكيد ويخادع وينسى، ولو كان حقيقة لصلح إطلاقه مفردا عن مقابله كما يصح أن يقال: يسمع ويرى ويعلم ويقدر» ويزد ابن القيم ردا طيبا فى الصواعق المرسلة، فيقول: «الصواب أن معانيها- أى الكيد وخلافه- تنقسم إلى محمود ومذموم، فالمذموم منها يرجع إلى الظلم والكذب ... فما كان منها متضمنا للكذب والظلم، فهو

الصفحة 427