كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط العلمية (اسم الجزء: 2)
القرافي في شرح المنتخب وقرر الإمام مذهب مالك وقال ليس يستبعد كما أعتقده جمهور الأصول ولا ينبغي أن يخالف مالك في ذلك إن أراد به ترجيح روايتهم على رواية غيرهم وكانوا من الصحابة لأنهم شاهدوا التنزيل وسمعوا التأويل ولا ريب في أنهم أخبر بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم وهذا ضرب من الترجيح لا يدفع ولا ينبغي أن يظن ظان أن مالكا رضي الله عنه يقول باجماع أهل المدينة لذاتها في كل زمان وإنما هي من زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زمان مالك لم تبرح دار العلم وأثار النبي صلى الله عليه وسلم بها أكثر وأهلها بها أعرف إذا عرف هذا فقد استدل على حجية إجماع أهل المدينة بما صح وثبت من قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها" ١ والإستدلال بهذا كما ذكره المصنف ضعيف لأهل الحمل على الخطأ متعذر لأنا نشاهد صدور الخطأ من بعض سكانها وكونها من أشرف البقاع لا يوجب عصمة ساكنيها وإذا تقرر أنه لا أثر للبقاع علم أن إجماع أهل الحرمين مكة والمدينة والمصرين البصرة والكوفة غير حجة خلافا لمن زعم ذلك من الأصوليين قال القاضي في مختصر التقريب وإنما صاروا إلى ذلك لاعتقادهم تخصيص الاجماع بالصحابة وكانت هذه البلاد مواطن الصحابة ما خرج منها إلا الشذوذ منهم انتهى فلا يظن الظان أن القائل بذلك قال به في كل عصر.
---------------
١ أخرجه البخاري كتاب الحج باب "إن المدينة تنفي خبثها " ومسلم شرح النووي ٣/٥٣٠.كما رواه الترمذي عن جابر رضي الله عنه تحفة الاحوذي ١٠/٤١٩.
المسألة الرابعة: إجماع العترة
...
قال: الرابعة: قالت: الشيعة إجماع العترة حجة لقوله تعالى إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا وهم على وفاطمة وابناءهما رضي الله عنهم لأنها لما نزلت لف عليه السلام كساء وقال هؤلاء أهل بيتي ولقوله عليه السلام: "إني تارك فيكم ما ان تمسكتم به أن تضلوا كتاب الله وعترتي".
قالت الشيعة إجماع أهل البيت حجة وقالوا أيضا كما نقله الشيخ أبو اسحاق في شرح اللمع قول على وحده حجة واستدلوا على الأول بالكتاب والسنة والمعنى أما الكتاب فقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ