كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط العلمية (اسم الجزء: 2)

واعلم أن السواد الأعظم وقع مفسرا في الحديث على خلاف ما استدل به الخصم فروى ابن ماجة من حديث معاذ بن رفاعة عن أبي خلف الأعمى عن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أمتي لا تجتمع على ضلالة فإذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم للحق وأهله" ١ هذا لفظه وأهل الحق هم جميع الأمة ولا أعلم لهذا الحديث طريقا غير الذي ذكرت ومعاذ وأبو خلف ضعيفان.
---------------
١ روي هذا الحديث من عدة طرق في كلها نظر كما قال الحافظ العراقي, أحدهما: عن أنس بن مالك, رواه عنه ابن ماجة بإسناد ضعيف, كتاب الفتن, باب: السواد الأعظم.
كمارواه الإمام في مسنده ٤/٢٧٨ واطبراني في الكبير.
وانظر: تخريج أحاديث المنهاج للحافظ العراقي ورقة ٤٣ مخطوط بمكتبة الأزهر ٨٦٨ أصول الفقه.
المسألة الثانية: لابد للإجماع من سند
...
قال الثانية لا بد له من سند لأن الفتوى بدونه خطأ قيل لو كان فهو الحجة قلنا قد يكونان دليلان قيل صححوا بيع المراضاة بلا دليل قلنا لا بل ترك اكتفاء بالاجماع.
رب متراشق في اللفظ يعبر عن المسألة بأن الإجماع لا بد فيه من توقيف وقيل قد يقع عن توقيف واشتراط السند في الإجماع هو الذي عليه الجماهير.
وقال قوم يجوز أن يوفقهم الله تعالى لاختيار الصواب من غير توقف على مستند لكن سلموا إن ذلك غير واقع كما ذكر الآمدي لنا أن الفتوى في الدين بغير دلالة أو إمارة خطأ فلو اتفقوا عليه كانوا مجمعين على الخطأ.
وذلك يقدح في الإجماع واعترض الآمدي على هذا الدليل بأنه إنما يكون خطأ إذا لم تتفق الأمة عليه.
أما إن اتفقت عليه فلا نسلم أنه خطأ وذلك لأن من يجوز ذلك مع القول بعصمة الأمة عن الخطأ يمنع أن يكون ذلك خطأ عند الاتفاق.
وحاول الشيخ صفي الدين الهندي رد هذا الاعتراض فقال القول في الدين بغير دليل وأمارة باطل في الأصل وكذلك لو لم يحصل الإجماع عليه كان ذلك باطلا وفاقا.

الصفحة 389